«حملة مسعورة تلك التي تتعرض لها السعودية الشقيقة، أوضح ما تكون في الإعلام الإقليمي والأوروبي والأميركي، أصوات الحملة متعددة، وكذلك الملفات التي تتناولها. إنها تتجاوز الانتقاد المغرض الذي تعودنا سماعه، وتأخذ أبعاداً أخطر وأعمق، ولأن السعودية تعني كل العرب، فلا بد من استراتيجية مضادة».

هكذا حذر معالي وزير الدولة للشؤون الخارجية وزير الدولة لشؤون المجلس الوطني الاتحادي الدكتور أنور قرقاش؛ حذر العرب من خطورة «الحرب الدعائية» التي تستهدف المملكة، مطلقاً صافرة الإنذار، وداعياً إلى وقوفهم وقفة رجل واحد حول آخر قلاعهم، حصنهم الحصين، وسندهم المعين، لب هويتهم، وكينونة وجودهم، بلدهم الثاني المملكة العربية السعودية.

وليقين معاليه، كسياسيٍ محنكٍ ضليع، بخطورة استهداف المملكة، كون ذلك يمس الأمن والسلم الدوليين، ويمس المصالح العليا للمسلمين قاطبة، وللعرب ولدول مجلس التعاون بشكل مباشر، يستطرد معاليه في كشف تفاصيل هذه الحملة العدائية المنظمة، مشيراً إلى أن «مداخل الحملة متنوعة..

وأصواتها عديدة»، وأن استهداف الرياض لم يكن فقط لمجرد نجاحها مع شقيقاتها في نجدة الشعب العربي اليمني الشقيق، وعونه في حربه لتحرير بلاده من المد الصفوي الهمجي السافر، والحفاظ على الشرعية والاستقلال في يمننا، أصل عروبتنا، وقاعدة جزيرتنا، فأبعاد المشروع أكبر وأوسع، يقول: «الحملة على السعودية إعلامياً تتجاوز أبعاد الموقف الشجاع للمملكة في اليمن».

ويرجع مسببات هذا التصعيد الإعلامي المنظم إلى «الدور القيادي والحازم للرياض» الذي نجح، وفي اللحظات المناسبة، في إحباط مخططات مشروع «الفوضى الخلاقة» التخريبي في منطقتنا، والذي روجت له «كونداليزا رايس» إبّان توليها منصب «مستشارة الأمن القومي الأميركي» تحت مسمى «الشرق الأوسط الكبير»..

والذي كانت أداته الرئيسة ما أطلقت عليه الصحافة الغربية: «الربيع العربي». إن نجاح الرياض في التحرك بالوقت المناسب، وعلى أكثر من خط، وفي أكثر من اتجاه..

وبتعاون وتنسيق مع حلفاءها الصادقين، وعلى رأسهم الدول العربية والإسلامية المعتدلة والواعية، حافظ على ما تبقى من أمن المنطقة، بل وزاد في قوة وتماسك مراكز القوة لدى العرب، مصر، السودان، الأردن، المغرب، بالإضافة لقلب العرب النابض، وبوابتهم الشرقية، دول مجلس تعاون الخليج العربي.. إن ذلك كله أسهم «بـلا شك في تأجيج الحقد» على الرياض، بحسب معاليه.

ولمواجهة هذه الحملة، كان لابد من دراستها، وتحديد أهدافها، وأسلوب خطابها، ومن يقف خلفها.. يقول معاليه: «التوقيت مريب، وتناغم الأصوات لا يمكن أن يكون مصادفة، لا بد من معرفة ملامح الهجوم ومن يقف خلفه»، مستطرداً بأن «إيران تتصدر الحملة ومعها الصوت الطائفي الذي يسعى إلى زعامة إيرانية على العرب، ودوائر غربية لا يروق لها انهيار خطط ربيعها العربي».

ويشير الدكتور قرقاش بوضوح إلى دور وعمالة تنظيم «الإخوان المسلمين» الإرهابي في هذا المخطط الخبيث، يقول: «هم يلعبون دوراً في نشر وإعادة نشر المقالات المغرضة، فهي لعبتهم التي أتقنوها بعد أن ضاع ربيعهم، ويبدو أن هناك قوى إقليمية مشاركة». وقد صدق معاليه..

وهو الذي لم يكن ليتحدث إلا بناءً على ما لديه من معلومات موثقة ودقيقة. وهو أيضاً ما يتفق وما تكوّن لدي من قناعات راسخة من خلال متابعتي وقراءتي لتحركات هذه المنظمة الشبكية الدولية الخطيرة، حيث اتضح لي بجلاء ذلك الدور المزدوج المسند إلى هذا التنظيم الإرهابي الذي يمضي بخطين متوازيين؛ في الخارج؛ كتنظيم دولي مهمته الاتصال والتنسيق مع أجهزة استخبارات ودوائر دولية..

وصحافة أجنبية، وليسهم في العمل على تزوير الحقائق، ونقل صورة كاذبة تستهدف تحقيق أهداف هذا التنظيم الشبكي ومن يقف خلفه في شيطنتنا وعزلنا عن حلفائنا، وتقديم نفسه كبديل يدعي «الاعتدال» و«يؤمن بالحريات وحقوق الإنسان»، وقبل هذا وذاك ما يسوقونه من أنهم «يمتلكون عقول وقلوب الشارع العربي والإسلامي، ويستطيعون التحكم فيها باسم الدين وباسم الإسلام كيفما أرادوا»!

أما في الداخل؛ فإن هذا التنظيم الإرهابي العميل يعمل كمعول هدم، وطابور خامس، يستهدف اختطاف الخطاب الديني، وتحريفه، واستخدامه لنشر التطرف والكراهية، وتأجيج خطاب الطائفية، وزرع الإرهاب، وبث الفتنة، وغرس الشعور بالخوف والفوضى وعدم الثقة بين أبناء البلد الواحد، وبين الشعوب وقاداتهم، بل ويعمل وبخبث ودهاء، ومن خلال التجنيد، والتأثير..

والتوجيه الفكري، والتغلغل عبر أفراده وخلاياه داخل مؤسسات الدول، يعمل على توريط الدول العربية حكاماً ومحكومين، بل والدين الإسلامي الحنيف نفسه، دين المحبة والرحمة والتسامح، توريطهم بالإرهاب، والقتل، والهمجية، والظلام..! وأي عدو أخطر؟!

إن من يقلل من خطورة هذا الأمر، وهذه الحملات المغرضة لا يرى أبعد من أرنبة أنفه، ولذا، يشدد معالي الوزير الخبير الدكتور أنور قرقاش على أن: «علينا أن ننتبه ونتصدى لمن يسعى إلى تقويض دور الرياض القائد والضروري»، والذي يستهدف تقويض المنطقة بأسرها.. لكن كيف؟ هذا هو موضوع مقالتي الأسبوع المقبل، فإلى اللقاء..