تناولنا في المقال السابق بعض أسباب انتشار وتنامي ظاهرة الإرهاب في الشرق والغرب، وسنتناول في هذا المقال جانب العلاج والحلول، وهي كثيرة لا يمكن حصرها في هذا المقال، وإنما نذكر منها بعضها، وذلك عبر محورين.
أولا: الحلول العلاجية لظاهرة الإرهاب في الشرق:
[1] استعمال العلاج الديني والفكري الصحيح الناجع في التصدي لداعش، وبالخصوص من قبل أجهزة الإعلام في مختلف الدول، وتبني الحكومات له، وذلك بالاستعانة بالعلماء المعتدلين المؤهلين القادرين على تفكيك الخطاب الإرهابي وتفنيد مخرجاته وإحلال المخرجات الوسطية المعتدلة السمحة، فالخطاب الديني الظلامي المنحرف لا بد أن يعالج بالخطاب الديني المستنير الصحيح، والإرهاب وإن كان سلوكاً إجرامياً منحرفاً فهو قبل ذلك فكرة سوداوية قاتمة أدت إلى هذا السلوك المنحرف، وقد أشار إلى ذلك صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد، حفظه الله، في مقال (داعش التي وحدت العالم) حيث قال: «لا بد من مواجهة هذا الفكر الخبيث بفكر مستنير منفتح يقبل الآخر ويتعايش معه، فكر مستنير من ديننا الإسلامي الحنيف الصحيح الذي يدعو للسلام، ويحرم الدماء، ويحفظ الأعراض، ويعمر الأرض، ويوجه طاقات الإنسان لعمل الخير ولمساعدة أخيه الإنسان. إن الشباب الانتحاري الساعي للموت بسبب إيمانه بفكرة خبيثة لن يوقفه إلا فكرة أقوى منها ترشده لطريق الصواب وتمنعه من الانتحار».
[2] تفعيل جانب الرقابة على الأنشطة الدينية والفكرية والاجتماعية التي تغذي الإرهاب والتطرف، ومنع أي نشاط من هذا القبيل دون تساهل أو مجاملة.
[3] تكثيف الرقابة على الشبكات الإلكترونية، وتوجيه الجهود الدولية لإجبار الشركات المالكة للمواقع العالمية في شبكة الانترنت مثل غوغل وتويتر ويوتيوب وغيرها على وضع آليات تنفيذ جادة وحازمة وصارمة لمواجهة النشاط الإلكتروني المكثف للتنظيمات المتطرفة.
[4] تطوير مخرجات التعليم سواء في المواد الدينية أو الوطنية أو غيرها لتشتمل على ترسيخ عال للثقافة الوسطية المعتدلة والتحصين من ثقافات التطرف والإرهاب، وتوجيه برامج الدراسات العليا لطلاب الماجستير والدكتوراة لخدمة هذا الاتجاه.
[5] نشر التوعية الأسرية، وترسيخ دور الأسرة المهم والأساس في ترسيخ الثقافة المعتدلة في نفوس الأبناء ووقايتهم من أفكار التطرف والإرهاب، وذلك عبر توعية فاعلة وأنشطة متنوعة للأسرة تحقق هذا الغرض بكفاءة.
[6] سن التشريعات الرادعة والقوانين الصارمة لمكافحة الإرهاب، ومحاصرة أنشطته، وتجفيف منابعه، وتجريم كافة أشكال وصور التطرف والعنف أيا كان مصدره، وتطبيق هذه القوانين على أرض الواقع تطبيقاً حازماً صارماً فورياً من دون مجاملة ولا تساهل.
ثانيا: الحلول العلاجية لظاهرة الإرهاب في الغرب:
مع الأخذ بالحلول السابقة فإنه يضاف إلى ذلك أيضا حلول أخرى بحسب الواقع الغربي الذي تناولناه في المقال السابق، وهي كالآتي:
[1] تصحيح الدول الغربية لفهمها للإسلام ومصادره الصحيحة، وذلك بالاستعانة بالعلماء المسلمين المعتدلين، والاستفادة منهم لنشر الثقافة الإسلامية الصحيحة في أوساط المواطنين المسلمين الغربيين والجاليات العربية والإسلامية في الغرب.
[2] توقف بعض الدول الغربية عن احتضان الرموز الإرهابية، والتوقف عن إتاحة الفرصة لها لتسويق أفكارها المتطرفة، والتيقن بأن نيران هذا الفكر لا تستثني أحدا مهما كان، وأن من يحتضن الإرهابيين فإنما يؤوي في بيته ثعابين لن تتورع عن لدغه.
[3] ضرورة ربط الإرهاب بمصادره الأصيلة، ومن أهم ذلك الاعتراف بالعلاقة الوثيقة بين جماعة الإخوان المسلمين والتطرف، وإدراج هذه الجماعة في لائحة الإرهاب، واتخاذ التدابير العملية اللازمة للتصدي لها، والتقييم الموضوعي لتاريخها وواقعها وأدبياتها والذي يبين هذه الحقيقة بوضوح لكل منصف، ويؤكد أن هذه الجماعة لا تقل خطورة عن أي تنظيم إرهابي آخر.
[4] تعزيز التنسيق الأمني والتعاون المعلوماتي بين أجهزة الدول في الشرق والغرب لمكافحة الأنشطة الإرهابية، والمسارعة إلى تقديم المعلومات الأمنية التي من شأنها إحباط العمليات الإرهابية أو المساهمة في كشف الجناة والمتورطين، فقد أثبت الواقع أن الإرهاب لا يفرق بين شرق وغرب، وأن التعاون المشترك ضرورة حتمية لمواجهة هذه الآفة السرطانية الفتاكة.
[5] تعاون الشرق والغرب على دراسة المنظمات الإرهابية التي واجهها العالم في العصر الحديث دراسة عميقة، والاستفادة من التجارب السابقة في التصدي لها، وذلك لوضع استراتيجيات مواجهة متميزة واستباقية وفاعلة ضد أي تنظيم إرهابي موجود أو يستجد، حيث واجه العالم العديد من المنظمات الإرهابية في العصر الحديث، وهناك تجارب كثيرة إيجابية وسلبية في بلدان شتى في مواجهة أمثال هذه المنظمات.
هذا كله بالإضافة إلى الجانب العسكري الذي يهدف إلى ضرب بؤر الإرهاب المسلح، والقضاء على قادته ومراكزه، عبر التنسيق المشترك بين الدول والتحالفات الإقليمية والدولية التي تحقق هذا الجانب على أعلى مستوى.