منذ اندلاع الثورة السورية في مارس 2011 والأوضاع تسوء كل يوم ونرى اليوم تقسيماً ملحوظاً في خارطة الجمهورية العربية السورية، حيث تقسمت إلى مناطق وجبهات عديدة كل منهم يريد السلطة والمتضرر الوحيد هو الشعب السوري الشقيق.

أصبحت سوريا اليوم ساحة لتصفية الحسابات بين الدول الكبرى والمنظمات الإرهابية وأصبح الصراع من أجل البقاء غير إنساني، لا سيما أن الشعب السوري هو من يُقتل ومن يهاجر أمام مرأى ومسمع المجتمع الدولي.

الصراع الروسي التركي في سوريا ليس بجديد حيث كانت البدايات باستخدامهم لعملائهم الاستخباراتيين ودعم نظام الأسد والجيش الحر سواءً بالسلاح أو المال، ولكن اليوم بات كل شي واضحا للجميع بان هذا الصراع سوف يبقى وان هذا التوتر يزداد يوما بعد يوم، ولن يتوقف وسوف تكون له عواقب كبيرة وخاصة بان الطرفين مختلفين في التوجهات، والسبب يرجع الى اختلاف مصالحهم في سوريا والشرق الأوسط الجديد.

تغيرت الموازين في المنطقة بعد سقوط الطائرة الروسية سوخوي وكثرت التساؤلات، ويبقى السؤال الذي حير المحللين السياسيين، من اشعل الأزمة الروسية التركية، حيث أدان الرئيس الروسي فلاديمير بوتين بشدة إسقاط الطائرة الروسية على الحدود بين سوريا وتركيا ووصفه بأنه «طعنة في الظهر من النظام التركي»، وفي ردود معاكسة للرئيس التركي رجب طيب أردوغان حيث قال «سنواصل التصدي لمخترقي أجوائنا كما تعاملنا مع الطائرة الروسية «.

الكل أصبح مقتنعا اليوم بالصراع الروسي التركي من أجل أهداف خاصة في سوريا، ولكن بآراء مختلفة: حيث دعا الرئيس الأميركي باراك اوباما روسيا وتركيا إلى تجاوز خلافهما الدبلوماسي الناجم عن إسقاط الطيران التركي المقاتلة الروسية سوخوي والتركيز على «العدو المشترك» وهو داعش، وخفض حدة التوتر بين الطرفين وإيجاد مخرج دبلوماسي لحل هذه القضية.

ومن جانبه علق رئيس الوزراء البريطاني، ديفيد كاميرون على حادث سقوط الطائرة الروسية سوخوي، قائلاً: «تركيا لها الحق في الدفاع عن نفسها».

وفي نفس توقيت الصراع الروسي التركي، وعلى الجانب الآخر تشكل المنظمات الإرهابية في سوريا الخطر الاكبر على المجتمع الدولي لما نراه اليوم من أحداث إرهابية مؤسفة حصلت في الأيام الماضية، مثل أحداث باريس ولبنان، وما نراه أيضا كل يوم مثل الأحداث في سوريا والعراق حيث أصبحت سوريا المحطة الأولى لتصدير الإرهاب في العالم مما يشكل خطراً كبيراً على المستويين الإقليمي والدولي.

الصراع الروسي التركي في سوريا يزيد الأمر تعقيدا ولا يتناسب مع المساعي الدولية من أجل حل سياسي للازمة السورية، والمناوشات الجانبية العشوائية أيضا لا تخدم مصالح الأطراف المشاركة في الحوار في سوريا ولا تخدم أيضا مصالح الشعب السوري وقد تبين الآن أن البعض يخوض في هذا الصراع فقط من أجل البقاء في دائرة الضوء على الساحة السورية.

ما بين 2011 و2015 خلفت الحرب في سوريا أكثر من 15 مليون سوري من ضحايا العنف الدموي، قتلى ومفقودين وجرحى ومعتقلين ولاجئين ونازحين، وفي كل 15 دقيقة يقتل سوري بريء واغلبهم من النساء والأطفال.

تأخرت سوريا اكثر من 50 سنة للوراء بعدما كانت تصدر العلم والعلوم للعالم اجمع، واليوم بسبب هذه الأزمة تأخرت سوريا في كل المجالات وبالأخص التنمية الاجتماعية والاقتصادية، والتعليم الذي بات يشكل مأساة حقيقية حيث هناك أجيال تمر بها السنون بدون مدارس ولا جامعات، في الوقت الذي تهاجر فيه العقول والخبرات للخارج هرباً من الموت، وتم تحويل العديد من المدارس ودور التعليم إلى أوكار للتنظيمات الإرهابية والفرق المسلحة.

مطلوب من المجتمع الدولي الإسراع بالمضي قدما وبجدية نحو حل سياسي للازمة السورية وحل المسائل المتعلقة والحد من الصراعات بين الدول الكبرى داخل سوريا، والقضاء على المنظمات الإرهابية التي تشكل خطراً على العالم اجمع، وإغلاق مصادر تمويل التنظيمات الإرهابية..

والسعي لإنشاء صندوق دولي لإعادة بناء البنية التحتية في سوريا من جديد وإعادة إعمار المدن والمدارس والمستشفيات ومحطات الكهرباء وتمويل المشاريع الضخمة لتوفير فرص العمل للمواطن السوري.

سوف يعود السلام لسوريا ولشعبها الحبيب بسواعد أبنائها الأحرار وبتعاون إخوانهم العرب معهم، وبإذن الله سوف يتم تطهير أراضي سوريا وبلاد العرب من المنظمات الإرهابية وسيعود السلام والأمن إلى ربوع بلدان وطننا العربي الكبير.