شن رئيس هيئة أركان القوات المسلحة الإيرانية اللواء حسن فيروز أبادي هجوماً عنيفاً على التحالف الإسلامي ضد الإرهاب، وفي ذات السياق، هاجم كل من تنظيم «داعش» الإرهابي، و«الحشد الشعبي» العراقي، وقيادات من تنظيم «الإخوان المسلمين».. التحالف الإسلامي ضد الإرهاب، وهدد «داعش» بمهاجمة السعودية؛ «لتحالفها مع الصليبيين»! .
وهي ذات الذريعة التي كررتها قيادات وعناصر من تنظيم «الإخوان المسلمين»، وقال نائب المراقب العام للجماعة في الأردن زكي بني أرشيد، «إنه لا مصلحة للأردن في المشاركة في قتل مسلمين».
أما المتحدث باسم «الحشد الشعبي» النائب العراقي أحمد الأسدي، فقال إن هذا التحالف غير مؤهل لمكافحة «الإرهاب»، الأمر ذاته صدر عن رئيس لجنة الأمن والدفاع في البرلمان العراقي، حاكم الزاملي، الذي وصف التحالف الإسلامي ضد الإرهاب بـ«الطائفي»، وأنه «لا يمثل الإسلام، بل يخدم إسرائيل» وذات الأمر صدر عن نظام «بشار الأسد» في سوريا..
قد يستغرب غير المطلع، وغير العارف بتفصيلات المشهد في المنطقة، عدم ترحيب أكثر دولتين تعانيان الإرهاب (سوريا والعراق) بالتحالف الإسلامي ضد الإرهاب.. إلا أن المطلع العارف لن يستغرب ردات الفعل السلبية هذه؛ خصوصاً إذا ما تساءلنا بشكل منطقي:
مَن المتضرر من التنظيمات الإرهابية وخصوصاً في العراق وسوريا؟ ومَن المستفيد منها؟. وهو ما يؤكد ما سبق وذكرته في مقالتي الأسبوع الماضي: «من صنع داعش لا يريد القضاء عليها الآن»..
لقد أكد الخبراء العسكريون بأنه لا يمكن القضاء على تنظيم «داعش» الإرهابي من «الجو» فقط، إذ لا بد من تحالف عسكري بري يطهر مناطق تواجد «داعش» والممتدة من وسط العراق إلى وسط سوريا. إلا أن حكومتي «العراق» و«سوريا» حليفتا «طهران».
لاتزالان ترفضان رفضاً قاطعاً أي تحالفات عسكرية دولية برية تحارب هذه التنظيمات الإرهابية داخل أراضيها بشكل حقيقي وفاعل، وبتنسيق كامل معها، كما حدث على سبيل المثال في التحالف الدولي الذي نجح في تحرير الكويت من العدوان الصدامي الغاشم إبان عمليات «عاصفة الصحراء».
يقول السيناتور «جون ماكين» رئيس لجنة الشؤون العسكرية، وزعيم الكتلة الجمهورية في الكونغرس الأميركي حول الغارات الجوية التي تشنها قوات التحالف الدولي ضد تنظيم «داعش» الإرهابي في العراق: «75 في المائة من الغارات الجوية تعود لقواعدها دون إلقاء القنابل» ويستطرد معللاً:
«ذلك بسبب عدم وجود أي أحد على الأرض يمكن أن يعطيهم قدرة على تحديد الأهداف» ويخلص إلى نتيجة مؤداها أن «هذه عملية جوية غير مجدية».. يعلق صديقي العراقي على ذلك فيقول:
«بالطبع هذه العمليات غير مجدية، لأن من يتعاون الأميركان معهم في العراق في الحرب ضد «داعش» لا يعطونهم المعلومات الاستخبارية الكافية التي تحدد الأهداف والإحداثيات على الأرض، فهذه الجهات العراقية ببساطة لا تريد بالفعل القضاء على «داعش».
فبهزيمة «داعش» تنتفي الحجة في قمع العشائر العراقية التي تطالب بحقها في الشراكة السياسية، وترفض ما تسميه «التمدد الإيراني» داخل العراق»، ويستطرد: «بعد الغزو الأميركي للعراق. لم نُهَجَّر من ديارنا وأراضينا وخصوصاً في الأنبار. هذا الأمر لم يتم إلا بعد انتشار جماعات القاعدة وداعش والحشد الشعبي.
واستهداف مناطقنا بشكل مكثف. موجات نزوح وتهجير كبيرة تعرضنا لها نحن العرب السنة، والمسيحيين والأقليات الأخرى. لقد قتلت داعش شبابنا. وجاء الحشد الشعبي الطائفي ليكمل على من تبقى، وليحرّق بيوتنا ومساكننا ومزارعنا ومحلاتنا التجارية»!
السيد «ماكين» أوجد الحل الناجع للقضاء على هذا التنظيم الإرهابي الخطير المهدد لأمن المنطقة، والعالم، واتفق معه تماماً فيما ذهب إليه، يقول:«أعتقد أن الموعد حان لإرسال قوات عسكرية برية». وليس ذلك فحسب، بل دعا لتسليح 100 ألف عنصر من العشائر السنية لتشكل قوات الحرس الوطني والتي ستقوم بمهمة القضاء على هذا التنظيم.
لكن حكومة «العبادي» أوجدت العراقيل أمام مثل هذه الحلول، متذرعة بعدم وجود الغطاء القانوني لإنشاء قوات الحرس الوطني العراقي، حيث تُعطِّل كتلٌ برلمانية عراقية، على علاقة بإيران، أي خطوة تشريعية في هذا الاتجاه.
بل إنه حين صدرت أوامر الرئيس الأميركي «أوباما» بإرسال 450 عسكرياً أميركياً إلى العراق، طفق قادة «الحشد الشعبي» في مهاجمة هذا القرار.. تماماً كما يهاجمون اليوم وبجنون «التحالف الإسلامي ضد الإرهاب»..
ولنعد بذاكرتنا قليلاً إلى الوراء، إلى تلك التمثيليات الهزيلة التي تسببت في سقوط الموصل، والرمادي من بعدها، في يدي «داعش»..
وبتواطئ من قيادات لها سيطرتها على القوات العراقية، لم تكتف بإصدار الأوامر للانسحاب المفاجئ، وغير المبرر، والهروب من مسؤوليتها تجاه حماية الشعب العراقي من الإرهاب، بل تورطت أيضاً في تسليم هذا التنظيم الإرهابي أسلحة ومعدات عسكرية ثقيلة، وبكميات كبيرة، ما دعا وزير الدفاع العراقي حينها للاعتراف بذلك، ووصف هذه العملية بـ «الخيانة العظمى»..
وفي أواخر 2006م، ألقت القوات الأميركية في العراق القبض على مجموعة من الإيرانيين تبين لاحقاً أنهم ضباط يحمل بعضهم جوازات دبلوماسية، ووجد بحوزتهم وثائق خطيرة تثبت بالدليل القاطع ضلوع إيران في نشاطات أمنية تخريبية داخل العراق، وارتباطها بميليشيات مسلحة عراقية شيعية، وجهادية سنية..
وأن «فيلق القدس» على صلة بـ«فرق الموت» الشيعية، وقيادات في تنظيم «القاعدة في بلاد الرافدين» وميليشيات «أنصار السنة» والتي شكلت فيما بعد تنظيم «داعش».
وبالتالي فإن تلك التصريحات العدائية من إيران وداعش والإخوان ضد التحالف الإسلامي ضد الإرهاب مفهومة جداً.