بدم بارد، يقتل الإرهاب أسبوعياً في الشرق الأوسط ما يقارب 550 بريئاً كحد أدنى، وذلك باختلاف حجم العمليات الإرهابية والأسباب الرئيسية تعود إلى محاولة لتغيير التوازنات، بعد فشلهم في الضغط على أصحاب القرار لتلبية مصالحهم، وأيضا لزعزعة الأمن والاستقرار.
قبل أيام، هزت انفجارات وهجمات دموية العاصمة البلجيكية بروكسل، التي تعرضت لاعتداءات إرهابية وحشية، استهدفت المطار ومترو الأنفاق، وراح ضحيتها 35 بريئاً وعشرات الجرحى، وتبناها تنظيم داعش الإرهابي.
الانفجارات نشرت حالة من الرعب والقلق في قلوب البلجيكيين والأوروبيين جميعا، وأيضا المسلمين الذين يعيشون على أرض هذه الدولة السعيدة. ورغم الديمقراطية والمساواة، إلا أن الإرهاب المظلم نشر الحزن والذعر بينهم وطمس هذه السعادة.
الحصيلة الأكبر في عدد الضحايا، وللأسف، من نصيب السوريين. ومنذ مفاوضات جنيف التي انطلقت مؤخرا، فإن سفينة الإرهاب لم تتوقف في سوريا وحدها.
وفي جنيف، انتقد نظام الرئيس السوري بشار الأسد السوري المبعوث الأممي ستيفان دي ميستورا بأنه يمارس الضغط على فريق النظام المفاوض لتقديم التنازلات، مع أن الأسد لا يقدم أية تنازلات، بل أيضاً يمنع الغذاء والدواء عن المدنيين المحاصرين في مناطق الصراع.
مئات القتلى والجرحى من المدنيين السوريين، خلّفهم القصف العشوائي للنظام السوري على مختلف المناطق التي تتواجد فيها المعارضة السورية أو القوات التي تقاتل ضد النظام.
العمليات الوحشية والإرهابية، التي تقع كل يوم في الأراضي السورية، تقتل 16 مدنياً يوميا، ثمانية منهم أطفال، في قصف جوي يستهدف مدينة الرقة السورية. مصر «أم الدنيا»، بدورها، تحارب الإرهاب الأسود حيث تحرص القوات المصرية بتوجيهات رسمية على القضاء على المنظمات الإرهابية التي كانت منتشرة في مناطق متفرقة من البلاد، وبات اليوم عددها محدوداً.
الانحطاط وانعدام الأخلاق وغياب الوازع الديني والوطني لدى الإرهابيين، الذين ولاؤهم فقط لأنفسهم ولمخططات عدائية، يجعلهم خطرا كبيرا على المجتمع المصري، حيث ينفذون العمليات الإرهابية العشوائية، التي دائماً ما تخلف قتلى أبرياء من الأطفال والنساء، في محاولة فاشلة لزعزعة الأمن الوطني المصري.
كمين الصفا الإرهابي في مدينة العريش المصرية، الذي خلف 18 قتيلاً من مدنيين وعسكرين أبرياء، مثال حي على بشاعة تلك الجرائم، حيث نفذ الإرهابيون سلسلة انفجارات متفرقة هزت المدينة، واقتحموا الكمين بسيارة مفخخة، أعقبها إطلاق قذائف هاون، ما اسفر عن انفجار ضخم راح ضحيته هؤلاء الأبرياء. ولم يكتفِ الإرهابيون بتلك البشاعة، بل أنهم اطلقوا النار على سيارات الإسعاف التي كانت تنقل الضحايا من موقع الهجوم.
كذلك، فإن ما يعيشه الشعب التركي اليوم من خوف ورعب جراء سلسلة التفجيرات الإرهابية، التي تستهدف غالبا مدينة أنقرة، يعكس عدم وجود حل لصراعات الحكومة التركية والتنظيمات المحظورة في تركيا، ومنها حزب العمال الكردستاني.
ففي أقل من شهر، خلّف الإرهاب اكثر من 50 قتيلا، معظمهم من النساء والأطفال، في عمليات انتحارية استهدفت أماكن متفرقة من أنقرة.
وهي سابع عملية يضرب بها الإرهاب الأراضي التركية منذ يونيو الماضي، بهدف ضرب السياحة وخلق توازنات جديدة في تركيا، أما الهدف الرئيسي منها فهو الضغط على أصحاب القرار في الحكومة لتلبية مطالب الجماعات التي تنفذ الهجمات، وإجراء تغييرات في الحكومة التركية. حصيلة العراق دائما ممتلئة بالشهداء، فهذا الإرهاب البشع يسود العراق منذ الاحتلال الأميركي.
وأصبح العراق نتيجة هذا الاحتلال أشبه بدويلات متفرقة تحكمها عصابات إرهابية، وتجمّع لكل الاستخبارات الدولية، والقصد هو رسم خريطة لشرق أوسط جديد.
الإرهاب اليوم في العراق يضرب أحياء مزدحمة بالسكان، وتفجيرات «داعش» الإرهابية تمر عبر الفساد برشوة الأجهزة العراقية الأمنية لتسهيل عبور الانتحاريين إلى بغداد، مخلفين وراءهم قتلى وجرحى ودمار شامل وألم وحزن في كل بيت عراقي.
أكثر من 60 قتيلاً في اقل من أسبوع في جنوب بغداد بهجوم إرهابي انتحاري تبناه «داعش»، الذي لم يكتفِ بتفجيرات إرهابية، بل انه يقصف بعض المناطق في محافظة كركوك العراقية بمواد كيمياوية، وبهذا يخرق هذا التنظيم كل القوانين الدولية لمحاربة مخاطر استعمال المواد الكيميائية في الحروب .
وفي فلسطين الحبيبة، والتي مزقها الاحتلال الإسرائيلي، تنتشر عمليات الإعدام بدم بارد بحق الابرياء الفلسطينيين برصاص الحي، والتي أصبحت تحدث بشكل شبه يومي تقريبا، حيث اعدم الاحتلال شاباً فلسطينياً بمدينة الخليل بالرصاص الحي قبل أيام معدودة.
لا يمر أسبوع بهدوء، إلا ويترك الإرهاب الأسود خلفه قتلى وجرحى، ودماراً للبنية التحتية، وتأخيراً في كل المجالات والخدمات اليومية. فلنقف جميعاً ضد الإرهاب والتطرف.