الأمم المتحدة منظمة عالمية تأسست بتاريخ 24 أكتوبر 1945 في مؤتمر سان فرانسيسكو العالمي في الولايات المتحدة بعد أن فشلت عصبة الأمم في تحقيق السلم والأمن العالميين وخصوصا بين الدول الأوروبية المتقاتلة، وكما قيل فإن التاريخ وسطوره يصنعه ويكتبه المنتصرون.
وقد استفادت دول الحلفاء المنتصرة في تطويع هيئة الأمم المتحدة والعديد من اداراتها وبرامجها لمصالحها السياسية، فها هو مجلس الأمن الذي يتكون من 15 عضواً يحتكر قرارات ادارة النزاعات والحروب ويحتكر قرار السلم والحرب الدوليين في خمس دول لديها حق النقض لكل مشروع قرار لا يتوافق مع مصالحها أو مصالح حلفائها، فها هي الولايات المتحدة تعترض وتعطل القرارات الدولية التي تدين الكيان الصهيوني الإسرائيلي في ممارساته العنصرية ضد الفسطينيين والعرب، وها هي القضايا العربية تتواجد في أروقة مجلس الأمن منذ 1948 ومازالت القضية الفلسطينية في مكانها، أما بالنسبة لروسيا الاتحادية التي ورثت الاتحاد السوفيتي في مجلس الأمن الدولي تعترض وتعطل بعض القرارات التي تدين نظام بشار الأسد قاتل شعبه وقاذف براميل الموت على الأحياء السكنية والمدنيين ولا نشاهد ونسمع الا مزيداً من القلق من الأمين العام، وقامت اسرائيل بقتل المدنيين في مذابح ضد الفلسطينيين في حربها الحديثة ضد غزة او في حروبها ضد العرب في السنوات الفائتة، وها نحن نشاهد روسيا تقصف العديد من المواقع المدنية وبعض المستشفيات وليس هناك سامع او مجيب لأنين الجرحى وصراخ الأمهات والأطفال.
وها هي روسيا هاجمت أراضي جمهورية أوكرانيا واقتطعت إقليماً كاملاً منها ولا نسمع الا القلق والعودة للتفاوض، وقامت الصين بالعديد من الانتهاكات ضد حقوق الإنسان سواء على شعوبها او شعوب ساكني منطقة التيبت ولم تتحرك الأمم المتحدة، وتنتفض الأمم المتحدة عندما يتم قتل أفراد في باريس او نيويورك او بلجيكا او لندن وتصدر البيانات التي تدين الإرهاب والذي اكتوت الدول العربية والخليجية به قبل أوروبا ولم تحرك الأمم المتحدة وقتها ساكنا، بل كانت بعض المنظمات الإنسانية التابعة او المساندة او الملحقة بالأمم المتحدة تدين الدول العربية والخليجية وخصوصا في فترة الثمانينات وتطلب السماح لبعض الأحزاب الإرهابية بممارسة أعمالها السياسية تحت ذريعة حرية التعبير وحقوق الإنسان، بل قامت بعض الدول الأوروبية باستضافة بعض قياداتهم إلى أن طردتهم عندما تضرر الأمن الأوروبي والأميركي تحت مسوغات وأعذار حماية الأمن الوطني الأوروبي أو الأميركي وتناست شعاراتها بالأمس عن الحرية والديمقراطية وحقوق الإنسان، وحقوق المرأة، وحقوق الأطفال.
وها نحن نشاهد انكشاف عورات أوروبا وأميركا وكندا في تباكيها على الحقوق الإنسانية للاجئين السوريين وهي تغلق آذانها وأفواهها عما يحدث من مجازر في سوريا، وتهميش وتقتيل لبعض الفئات السنية في ايران، والعراق، وميانمار، وعما يحدث من أعمال لا انسانية في اليمن يقوم بها الانقلابيون الحوثيون والخونة، الأمم المتحدة منظمة تمارس النفاق السياسي الصريح لمصلحة أعضاء مجلس الأمن عندما يتعلق الأمر بقضايا العرب والمسلمين، ونحن في دول مجلس التعاون الخليجي من أحرص الدول على نجاح منظومة الأمم المتحدة، فقد قامت وتقوم دول مجلس التعاون الخليجي بدعم المنظمات الإنسانية والإغاثية الدولية بالأموال اللازمة لتأدية عملها الإنساني وبدون مساومات سياسية.
ولكننا نلاقي الصدود والنكران والتقارير المخالفة للحقيقة من بعض هذه المنظمات التي تعتمد على تضخيم الوقائع والأحداث في كتابة تقاريرها عن الشرق الأوسط أو العرب أو الدول الخليجية، فالعرب لم يقوموا بالحرب العالمية الأولى ولم يشعلوا الحرب العالمية الثانية ولم يرموا القنابل النووية ولم يحتفظوا بالترسانات النووية ولم يمارسوا إرهاب الدولة، ولم يسيسوا ويسيطروا على البنك الدولي ولم يسمحوا بالمفاوضات السرية بين ايران ودول مجلس الأمن بظروف غامضة وبشروط قد تكون غير معلومة، أما بالنسبة للدول الخليجية وهي تعتبر من أوائل الدول الداعمة مادياً وفنياً للمنظمات الإنسانية عليها مراجعة وتقييم هذا الدعم غير المتكافئ بالنسبة للنتائج والتقارير، وعلى الدول الخليجية خلق وتعيين كوادر مؤهلة تستطيع العمل في العشرات من المنظمات الإنسانية والإغاثية التي تعمل تحت مظلة الأمم المتحدة لكى تضمن الحيادية ووصول المساعدات لمستحقيها، فالأمم المتحدة الحالية هي نسخة طبق الأصل لعصبة الأمم السابقة ولذلك نحتاج تطويراً وإنصافاً ومشاركة عربية خليجية في القرار الأممي، وقبلها علينا أن نعدل ونطور الجامعة العربية الخاملة وخصوصا في آلية التصويت والالتزامات.