«خيانة وطن» قضية عشناها على أرض الواقع قبل أن نعايشها على شاشة التلفاز، فقد صُدمنا بالتنظيم السري الذي خلع ثوب الولاء والانتماء لهذا الوطن، وشذ عن ركاب المجتمع المتلاحم مع قيادته الحكيمة، وسعى لتحقيق أهدافه الشريرة والطعن في ظهور الإماراتيين بالخناجر المسمومة خدمة لتنظيم الإخوان المسلمين، فسجل لنفسه تاريخا أسود من الخيانة والغدر لا ينسى، وقد ترجم مسلسل «خيانة وطن» كثيرا من خيانات هذا التنظيم، وفضح أفكاره الظلامية التي استهدفت نشر الفوضى والخراب وتصدير الثورات لخلخلة الأمن والاستقرار في دولة الإمارات، ولكن مخططهم الأثيم انكشف بحمد الله، وانقلب السحر على الساحر.
إن خيانة الوطن جريمة كبيرة، والإمارات أغلى وطن، لأنه الوطن الذي تربينا وترعرعنا فيه، هذا الوطن الذي تلقانا بأحضانه فوجدنا فيه دفء الحياة السعيدة ومعاني العز والكرامة، هذا الوطن الذي بنى لنا إنجازات تاريخية عظيمة هي مفخرة لكل إماراتي، هذا الوطن الذي بناه زايد الخير وإخوانه المؤسسون، ورعاه خليفة المجد ونائبه المفدى وإخوانه الحكام الأوفياء، حتى غدت دولة الإمارات دانة الدنيا ومفخرة التاريخ في ريادتها وإنجازاتها، فحب هذا الوطن يسري في عروقنا سريان الدم، ويتردد مع أنفاسنا كتردد الهواء، وأي طعنة غادرة في هذا الوطن هي طعنة في ظهورنا، ومن يخون الوطن فقد خاننا جميعا، وباع نفسه للشيطان.
إن الدراما الهادفة تغرس المعاني الوطنية، وتخدم قضايا المجتمع، وتواكب همومه وتطلعاته، وتعزز من ثقافته وهويته، لتكون بحق فنا مؤثرا ذات رسائل وأهداف نبيلة، وتلقى كل احترام واهتمام من الجماهير، وتلمس وجدانهم، وتكشف لهم زيف أعداء الوطن من أصحاب التنظيمات التي تريد الشر بالبلاد والعباد، وقد نجح مسلسل «خيانة وطن» في أن يستحوذ على اهتمام المشاهدين، لأنه تضمن أهدافا وطنية، وأثبت وجوده بجدارة في فكرته وحبكته وتمثيله وإخراجه، ليكون بذلك نموذجا ناجحا يحتذى به في هذا المسار الوطني.
وصناعة الدراما مسؤولية ملقاة على عاتق أهل الفن والإبداع، لأن الدراما ليست مادة للترفيه والتسلية فقط، بل هي أيضا مادة مؤثرة في فكر ووجدان المشاهدين، وتلامس قضاياهم، ولذلك ينبغي الاهتمام بتسخير الأقلام والأفكار في صناعة الدراما الوطنية التي تقدم قضايا الوطن وتواكب هموم المجتمع وترسم بحرفية قوة انتماء المواطن إلى وطنه، وتنمي في الأجيال روح الولاء الوطني وحب الوطن والتفاني لأجله، وهناك قضايا وطنية كثيرة يمكن معالجتها دراميا على غرار خيانة وطن، وهي تنتظر إبداع المبدعين ليرسموا لنا لوحات فنية جميلة عن هذا الوطن الجميل وعن أبنائه الأوفياء المخلصين.
إن الدراما هي نبض وطن وثقافة مجتمع، ويتعدى أثرها لتصبح واجهة تعريفية عن الوطن وأهله لدى المتابعين والمهتمين من خارج الدولة، فيتعرفون من خلالها على جمال الوطن وسمات أبنائه وثقافتهم وطريقة حياتهم ومشكلاتهم وطريقة معالجاتهم لها، بالإضافة إلى تقديم قضايا الوطن للرأي العام بالصورة الحقيقية، وأهمية التلفاز والبرامج الفنية اليوم أصبحت كبيرة في العالم، وعندما ننظر في تجارب بعض الدول نجد أن اليابان مثلا استثمرت منذ القرن الماضي الفن التلفزيوني في غرس القيم الوطنية اليابانية وروح الولاء في نفوس أبنائها، فخرجت مسلسلات كرتونية كثيرة تخاطب عقول الناشئة، وتنمي فيهم روح الدفاع عن الوطن، وصد مؤامرات الأعداء والغزاة، واكتشاف الجرائم ومساعدة رجال الشرطة لصد المجرمين، وتشجيع الأطفال على الرياضات العالمية مثل كرة القدم وغيرها ليخدموا من خلالها وطنهم في المحافل الرياضية، وهو ما يبين أهمية دور البرامج الفنية من دراما وغيرها في ترسيخ الولاء الوطني لدى الشعوب.