هل تعرف أن لدى شركة »مجموعة إيرباص«، متعددة الجنسيات، مدرستها الثانوية الخاصة بفرنسا؟ تعتبر تلك المدرسة واحدة من المدارس المهنية الخاصة القليلة الموجودة في البلاد.

لذلك لماذا لا تدير مزيد من الشركات الصناعية ذات التقنية العالية مثل تلك المدارس؟ على الرغم من أن مثل تلك المدارس لا تخلو من الجدل، إلا أن انتشارها يمكن أن يكون مفتاح الفوز في المنافسة الاقتصادية العالمية.

تقع مدرسة »ليسيه إيرباص« في تولوز على مسافة غير بعيدة من مقر إيرباص، حيث تختار المدرسة طلاباً، تتراوح أعمارهم ما بين 15 إلى 18 عاماً، بالاستناد إلى امتحانات القبول التحريرية والشفهية، وذلك سواءً للالتحاق ببرامج دبلوم المدارس الثانوية، أو لأولئك الراغبين باستثمار عامين آخرين في ما بعد المرحلة الثانوية، للحصول على شهادات التقنية العليا.

ووفقا للموقع الإلكتروني للمدرسة، فإن البرنامج مجاني للطلاب، حيث تخرج من المدرسة 5 آلاف شخص، حتى اليوم، يعمل 3 آلاف منهم في »إيرباص«، بينما عمد العديد من الخريجين الآخرين للعمل في شركات الملاحة الجوية، كـ »مجموعة ليت كويغ« و»إيه تي آر«.

وعلى الرغم من مجانية التعليم، إلا أن المنح الدراسية متوفرة. علماً بأنه بعد تخرج طلاب »ليسيه إيرباص«، يتم توظيفهم، مباشرة، في مناصب مدفوعة الأجر في أحد القطاعات، التي يكون فيها الطلب على العمال من ذوي المهارات، مرتفعاً.

سيؤدي قطاع التكنولوجيا المتطورة، فضلاً عن قدرة الدولة على إنتاج واستبقاء المواهب داخلها، دوراً حاسماً في الحفاظ والإبقاء على التفوق الاقتصادي في المستقبل. وقد أدركت روسيا ذلك بالفعل، فعلى ضوء انهيار أسعار النفط المتواصل، استهدف الرئيس الروسي فلاديمير بوتين قطاع تصنيع التقنيات الفائقة باعتباره قطاعاً ذا أولوية لاستثمارات الدولة.

وقال بوتين، أخيراً: »لقد ازداد الإنتاج الصناعي، وقد لاحظنا اتجاهاً إيجابياً وللمرة الأولى في شهر فبراير، كما أن صادرات المنتجات فائقة التقنية في ازدياد، وذلك مقارنة بصادرات المصادر الطبيعية«.

ليس هناك جدوى من استيراد عمال العالم النامي لأميركا بذريعة جلب العمالة الماهرة من دول أخرى. وذلك ما تريد فعله المرشحة الديمقراطية للرئاسة هيلاري كلينتون، من خلال رفع الغطاء عن حاملي تأشيرات »إتش-1بي«، التي تضمن للعمال الأجانب، الذين يؤدون، ظاهرياً، أعمالاً بمهارة عالية، وبالتحديد في قطاع التكنولوجيا. غير أن جميع أنحاء العالم يزخر بعمال قادرين على أداء ذلك النوع من العمل التكنولوجي الذي ينجزه حاملو تأشيرة »إتش-1بي«.

يمكن للدول المتطورة تحقيق ما هو أفضل من ذلك، حيث يجب أن يسلط التركيز على تعليم العمال المحليين في قطاع التكنولوجيا الفائقة، مع إشراك شركات أميركية في ذلك المجال.

فضلاً عن ضرورة منع شركات صناعة التقنيات الفائقة من استيراد العمال المهاجرين، الحاملين لتأشيرة »إتش-1 بي«، بمجموعات كبيرة، ناهيك عن بث حافز وباعث يدفع تلك الشركات لبناء المدارس لتدريب عمالهم المستقبليين، على غرار ما تنجزه شركة »إيرباص« في فرنسا. ويجب أن يكون ذلك جزءاً من استثمارات تلك الشركات في كل من البلاد والمجتمعات الفردية.

يمكنك سماع الاعتراضات الآن، والتي تقول: »لكن تعليم كل من مدارس«بوينغ»، أو«جينرال دايناميكس»الثانوية لأطفالنا يعني أنهم سيتعرضون لغسيل دماغ من قبل الشركة«. بيد أنه يتوجب علينا مواجهة الأمر، إذ يجري، بالفعل، غسيل أدمغة الأطفال في نظام المدارس الأميركية وذلك عبر محاربي العدالة الاجتماعية، والخطاب اليساري. غير أن الفرق يتمثل في أنه عقب غسيل دماغ الطفل في ثانوية شركة »هانويل هاي«، سيحظى بوظيفة بدلاً من تحميله عبء الديون الطلابية الهائل، وإمضائه اليوم بالجلوس على الأريكة، لذلك يتوجب على المرء اختيار الأمر الأفضل بينهما.

يستند التفوق الاقتصادي خلال الفترة الراهنة من العولمة إلى الابتكار، لذلك يجب أن يكون الأخير أكثر من مجرد نقطة حوار سياسي. إذ يجري استخدام المصطلح من قبل سياسيين يبدو أنهم يفكرون في أن استيراد العمال يضفي بعض القدرات العجائبية على الابتكار، أو أن نظام التعليم الأميركي سيبدأ فجأة بإطلاق أعداد غير مسبوقة من الابتكارات.

سيكون إطلاق شركات تدير مدارس ثانوية بمثابة مسار لتستثمر الشركات الأميركية ذات التقنيات الفائقة في كل من مستقبلها الخاص، وفي جيل المستقبل من العمال الأميركيين. وسيساهم الأمر في جعل تلك الشركات أقل عرضة للتخلي عن الوظائف لعمال صينيين.