اندلعت المظاهرات، أخيراً، في ميلووكي. وقبل ذلك في مدن أخرى. وبدأ كل اندلاع بمشاهد مألوفة، النار والألم، الغضب والنهب. وربما سيحدث ذلك مجدداً في بعض مناطق المدن.
وربما عقب مقتل رجل أسود على يد مسؤولي الشرطة، سواء أكان إطلاق النار مبرراً أم غير مبرر. لكن هل كان الضحية مجرماً شاهراً سلاحه على شرطي؟ أم لا؟ هذه أسباب، إلا أنها ليست مهمة حقاً الآن، أم هي كذلك بالفعل؟
النار والغضب هما المسألة، وكل ما نفعله الآن هو انتظار الآتي. كبار إعلاميينا، الحراس على المؤسسة السياسية، يأتوننا بتفسيرات منطقية. فيخبروننا بانعدام الأمل واختفائه. إلا أنهم يتجاهلون الشيء الوحيد الذي يربطهم جميعاً. الحقيقة غير الملائمة في الأمور.
نعلم المؤسسات أغلقت. وتحطمت أجيال العائلات الأميركية من أصل أفريقي على يد دولة الرفاه. وأننا أوجدنا نظماً حكومية تبقي على البشر في فقر وتجاهل بحيث يمكن للسياسيين الاستناد على التصويت. وهذه جريمة ضد الأخلاق.
وبالتأكيد تعلمون أن هناك مدارس لم تكن تعمل لعقود طويلة من الزمن، وكانت هناك وفرة في عدد المدارس والمعلمين، وكان الأطفال يصلون إلى المدارس غير مهيئين تماماً، وهناك الكثير من الآباء الذين لا يكترثون.
ويعتبر الفساد السياسي وباءً، وضريبة خفية على الأراضي البور الاقتصادية، حيث لا يوجد لدى الناس أي وظائف للأشخاص غير المدربين ولا المتعلمين.
وخلال المظاهرة، عندما تبدأ المشاريع بالاحتراق ويبدأ رمي الحجارة والصواريخ والقنابل على المنطقة فإن اللاعبين السياسيين على القنوات التلفزيونية يبدأون بالتفوه بالكلاشيهات.
ويستخدم هؤلاء كلمات مثل «تعزيز» و«استثمار» و«بنية تحتية اجتماعية» و«عدالة اجتماعية».
ويلقى باللوم على القطاعات الغنية من الناس، أو على «المؤسسات» وآخرين، بسبب سوء فهم كيفية إيجاد فرص عمل مناسبة. والأمر يشبه أن يصبح «بيغ روك كاندي ماونتن» سياسة اقتصادية.
لماذا لا نبحث عن دفتر شيكات اتحادي سحري غير محدود ولجنة من أفضل الأنواع كي تقودنا؟ ولكن كانت لدينا بالفعل حكومة تدار على أفضل حال. وأنفقنا مليارات الدولارات في الحرب الأميركية على الفقر.
وما لم تتم مناقشته بما فيه الكفاية عندما بدأت الثورات واندلعت نيران الأحياء المجاورة هو أمر واحد معروف جداً بالنسبة إلى جميع هؤلاء الذين يحللون البؤر الحضرية.
إن الديمقراطيين يديرون هذه الأمور، وأن بالتيمور مدينة ديمقراطية، وميلووكي مدينة ديمقراطية، وشيكاغو وديترويت وغيرها الكثير. هذه الحقيقة الأكثر إزعاجاً. هذا ما يمنعهم. ولعقود بعد عقود تمكن الديمقراطيون من إدارة السياسة والسياسات في المدن المدمرة. وهذا دليل على نجاح الديمقراطيين. وكانت المدارس المدمرة تدار من قبل الديمقراطيين لعقود طويلة. والمؤسسات المدمرة أيضاً تدار من قبل الديمقراطيين.
الفساد السياسي في هذه المدن هو فساد ديمقراطي، حيث الحكومة هي المطرقة المستخدمة في ضرب الآخرين وتوجيههم كي يسلموا أموالهم.
وتضغط ضرائب الفساد بشكل سلبي باتجاه البؤر الاقتصادية، حيث لا توجد أي وظائف.
وتظل نظم المدارس الحضرية مقفلة أمام الطلاب والعائلات. ومع ذلك تتواصل تغذية البيروقراطية والبائعين المتجولين الذين يبيعون البضائع والخدمات لبيروقراطيات التعليم.
والمطلعون على نحو جيد يعرفون ما المفترض بهم عمله يوم الانتخابات: التصويت بطريقة ديمقراطية.
بيروقراطيو المدارس في المدن الكبيرة هم كائنات سياسية، موالية للبرلمان. ومن حيث التعريف فإن اتحاد المعلمين يعتزم حماية أعضائه، وكل شخص يتمتع بالحصانة ما عدا المستقلين.
وبالنسبة إلى الأطفال؟ فليس لديهم اتحاد. ولا يمكنهم التصويت. ولا يمولون الحملات السياسية. هؤلاء الذين يعانون كثيراً بسبب السياسة الحضرية هم أنفسهم الذين قالوا للديمقراطيين إنهم الوحيدون الذين يمكن حمايتهم. حمايتهم من ماذا؟ الفقر والعنف والحاجة إلى الوظائف، والمدارس السيئة؟ وتمت كل تلك الأمور بالفعل. ه
ؤلاء الذين يدفعون ببرامج حكومية فاشلة، وبالسياسة الليبرالية ليسوا أشراراً، فمعظمهم يعتزمون العمل من أجل أمور جيدة، إلا أنهم ارتكبوا أخطاء فادحة باعتقادهم أن التسليح الثقيل للحكومة هو الحل. لا الأمر ليس كذلك. ولم يكن كذلك أبداً.
هل هناك من بدائل بالنسبة إلى السخرية من دولة الرفاه العميقة؟ نعم. الحرية هي الجواب. ولم يستخدم بعض السياسيين الحكومة «لتمكين» الشعب. النمو هو الجواب، وليست إدارة الحكومة.
ويحتاج الناس إلى الأمل. والعمل ذو المعنى. وهو ما لا يعني رقص الفالس حول المدينة، مع الإبقاء على بعض الرواتب الحكومية، وهذا يعتبر أمراً مهماً لاحترام الذات.
إذاً هل هناك بعض البدائل؟
خفض الضرائب على نحو كبير، وتغيير تعويضات العمال وقوانين أخرى توجه ضد المشاريع في المناطق الحضرية للترويج لنمو الوظائف. ودعم خيار المدرسة الصحيحة، والقسائم، بحيث لا يطرد طلاب الأقليات الفقيرة مستقبلاً.
القياديون الديمقراطيون ومحاكمة المحامين والاتحادات العمالية يكرهون مثل هذه الأفكار. ولكنهم أيضاً يعتبرونها عماد السياسات الديمقراطية.
وتساعد الذراع الحكومية القوية السياسيين للحفاظ على السلطة وإدارتها. ولكن، على غرار ما رأينا فإن التسلح الحكومي القوي يمكن أن يمهد الطريق إلى جهنم.