ما الذي دمر هيلاري كلينتون. إلى جانب سلة أكاذيبها التي يرثى لها، هل هو مقطع الفيديو الذي أظهر مساعدة أحدهم لها إبان صعودها إلى مركبة صغيرة.

لقد رأيتم ذلك، كانت ركبتاها تلتويان، وكان كاحلها يتلوي، كما أنها أوشكت على السقوط. كانت ستسقط على الأرض في حال لم يمسك بها فريقها الأمني. وفي حال لم يسجل المشهد على شريط فيديو، لكانت حملتها الانتخابية قد اختلقت الأكاذيب بشأن صحتها. إلا أن الأمر موثق بشكل أجبر مسؤولي حملتها على الخروج عن صمتهم، وتقديم تشخيص لحالتها، وهو أنها مصابة بالتهاب رئوي.

وبينما نتطلع جميعاً لشفاء هيلاري، بصفتها ديمقراطية مناهضة لدونالد ترامب، فإنني أتساءل، في حال انتخبت هيلاري كلينتون، لتصبح عاجزة لاحقاً عن أداء مهامها، لأسباب صحية، فمن سيقوم بالتالي بإدارة الحكومة في غيابها؟ هل هو تابعها الأول، بيل كلينتون؟

هذا ليس حديثاً عن نظرية مؤامرة، بل هو التاريخ الأميركي. يمرض الرؤساء أحياناً، وعلى الرغم من أن هذا الأمر غير مذكور في القانون، إلا أنه من الممكن أن يكون لشخص مقرب من الرئيس، تأثير كبير فيه خلال فترة الأزمة الصحية.

ويجب أن نأخذ في الاعتبار بالنسبة إلى تلك المسألة، إديث ويلسون، زوجة الرمز الليبرالي الديمقراطي الرئيس وودرو ويلسون. والتي كانت الرئيسة الفعلية عند مرض زوجها. إذ قال بعض المؤرخون إنه قد أصيب بجلطة. بينما قال آخرون إن مرضه كان في الواقع بسبب الإنفلونزا الإسبانية، التي كانت بمثابة وباء أدى لحصد أرواح الملايين من الأشخاص.

وبالتالي، لم يكن الرئيس ويلسون بصحة جيدة، ما دفع زوجته لتقوم، ومن خلف الستار، بدوره في إدارة المواقف بهدوء من داخل البيت الأبيض.

بإمكاننا طرح نقاش أن إديث ويلسون كانت أول امرأة تتسلم منصباً تنفيذياً في أميركا. ولم يجرِ إعلان الأمر، إلا أنه كان معروفاً عند الطبقة السياسية، وبالنسبة إلى مجلس وزراء ويلسون، وإلى أي شخص كان بحاجة للحصول على إجابة من الرئيس، حيث كانت إديث ويلسون هي رب العمل، وقتها.

وهكذا ستكون الحال مع بيل كلينتون. وأكثر من ذلك أيضاً، لأن إديث ويلسون لم تكن رئيساً سابقاً. لكن بيل، بكافة خبراته الواسعة، ومكره السياسي، وقدراته التي لا تمتلكها هيلاري، فإنه قادر، عبر لمساته البارعة، على جعل أعدائه يبتسمون.

وبالتأكيد، سيكون ذلك الشخص هو بيل كلينتون، الذي نجا من الاتهام والإقالة والفضائح والدسائس والفساد خلال السنوات الثماني التي أمضاها في البيت الأبيض. وبالتأكيد، لن يكون نائب الرئيس الذي اختارته، تيم كين، الحاكم الديمقراطي السابق لولاية فرجينيا. وفي حال كان يجب على هيلاري كلينتون أخذ إجازة صحية، فسيكون هناك قائد واحد فقط. ألا وهو رب العمل، بيل. لأن تلك هي الطريقة التي تعمل بها الأسر الحاكمة، فلن يتطلب الأمر خيالاً كبيراً لمعرفة كيفية حدوث الأمر. إذ سيؤدي بيل لدفع الآخرين خارجاً، ومنها تأدية التوجيهات الرئاسية لهيلاري وهي في سرير المرض.

تلك هي مشكلة من صنيع هيلاري كلينتون. فثلثا الأميركيين، حتى هؤلاء الذين يقولون إنهم سينتخبونها، يقولون إنهم لا يستطيعون الوثوق بها. إن حملة كلينتون مباشرة، ومترعة بالصمت حيال تدهور صحتها أخيراً، كما أنها قدمت تشخيصاً متأخراً لإصابتها بالالتهاب الرئوي، الأمر الذي يزيد من حالة الشك، لا أكثر. واليوم، وبوجود أسئلة حقيقية عن صحتها وأجوبة عنها، فإن الكثير من الأميركيين يعتقدون أنها تخفي شيئاً ما.

لقد أسهمت كلينتون وحملتها في جلب هذا الأمر لمرشحة الرئاسة الأميركية. فهي ببساطة، لا يمكنها قول الحقيقة. كما أن الجمهوري دونالد ترامب ليس صادقاً. ويؤكد أنه سيطلق العوائد الضريبية في شكل عائدات، ولكن ليس الآن، لأنه يقول إنه ينتظر استكمال «مراجعة روتينية».

إلا أن كلينتون كانت تشحذ همتها، مثل «بينوكيو» لنحو 30 عاماً أو أكثر. ويرجع الأمر للأوقات المبكرة، عندما حازت على قدر قليل من الثروة من الاستثمار في المستقبل. وفي حقيقية الأمر، يمكنك أن تملأ كتاباً من أكاذيبها.

شجعت حملة هيلاري كلينتون، النقاد الذين يؤيدونها، على السخرية من أي شخص يتجرأ على التشكيك في صحتها. إلا أن السؤال مطروح اليوم، كما قد خرج الكثير من الأشخاص عن صمتهم. وبسبب مشكلاتها مع الناس بالنسبة إلى عدم مصداقيتها، عندما قالت إنها تعاني من نوبة رئوية بسيطة، تبدت حيرتهم، بشأن ما إذا كان الأمر أسوأ من ذلك؟.

يصاب البشر بالمرض، وإما أن يبدؤوا بالتعافي أو لا. ولكن عندما تظهر هيلاري بوجه باهت، أخيراً، فإن على حملتها قول الحقيقة، بدلاً من القول إن المسالة عبارة عن إنهاك بسبب درجات الحرارة. بيد أن ذلك لا يحدث، بل يزداد الأمر سوءاً، إلى أن خرجت الصحافة بمقطع الفيديو. وقال ديفيد أكسلرود، المستشار السياسي الديمقراطي السابق للرئيس باراك أوباما، في رسالة رسمية: «يمكن للمضادات الحيوية الاعتناء بالصحة»، ولكن «ما علاج الميل غير الطبيعي للخصوصية التي توجد مشكلات متكررة؟».

وللأسف، يعلم أكسلرود، أن ليس هناك علاج لمشكلات كلينتون المتعلقة بمصداقيتها. وفي حال كان هناك علاج ما، فإن لجنة الديمقراطيين المذعورين، سيحملونها على سرير المرضى، ويجبرونها على تلقي العلاج.

ليس هناك من بروتينات أو حبة سحرية يمكن وضعها تحت اللسان، وإجبارها على قول الحقيقية. ولكن على الأقل، هناك بيل، الذي ينتظر دائماً.