يعمد الجمهوري دونالد ترامب لإثارة حنق هيلاري كلينتون والديمقراطيين عندما يطلق على نفسه أنه مرشح القانون والنظام، ولا سيما عندما يتحدث عن شيكاغو، التي تعد البيت السياسي للرئيس باراك أوباما ومكان ولادة كلينتون، حيث ترتفع جرائم القتل وعمليات إطلاق النار في موجة من الدماء والمذابح.

وبعد أن أصبحت شيكاغو الوجه الدعائي للعنف على الصعيد الوطني، ومع تصوير أعمال الشغب المناهضة للشرطة في تشارلوت، وفي أماكن أخرى من البلاد، سيواصل ترامب الدفع نحو فكرة القانون والنظام.

لقد قال دونالد ترامب خلال مناظرته مع هيلاري كلينتون: إننا نعيش في مدننا الداخلية، حيث يعيش الأميركيون من أصل أفريقي، واللاتينيون، في وضع سيئ للغاية، وذلك لأن الوضع خطير للغاية». مضيفاً: عندما تمشي في الشارع، يتم إطلاق النار عليك. وفي شيكاغو، جرى إطلاق آلاف الأعيرة النارية منذ الأول من يناير. إنها آلاف من الأعيرة النارية، لذلك أنا أتساءل أين يحدث هذا؟ هل هذه بلاد مزقتها الحرب؟ وما الذي نحن فاعلوه؟

هل شيكاغو منطقة قسمتها الحرب؟ إنها ليست كذلك في حال كنت أبيض، أو من الطبقة المتوسطة، أو من الضواحي.

ولكن إطلاق آلاف من الأعيرة النارية حدث في المدينة، بأكثر من 3000 عملية إطلاق ناري هذا العام وحده، وأكثر من 500 عملية قتل، وهو عدد يفوق ما حدث في كل من نيويورك ولوس أنجلوس مجتمعتين. كما أن معظم تلك الأحداث قد جرت في أحياء فقيرة يقطنها أميركيون من أصل أفريقي، أو لاتينيون.

هناك الكثير من الأسباب وراء حدوث ذلك، منها تجارة المخدرات، وحروب العصابات، واليأس. وبالتالي عندما يلعب ترامب بورقة القانون والنظام فإن هناك غضباً كبيراً من النشطاء اليساريين، وصمتاً نسبياً من المسؤولين الديمقراطيين المصابين بالذعر.

بالمقابل، تفضل هيلاري كلينتون إبقاء التركيز على شيء لئيم قاله ترامب عن ملكة جمال بدينة قبل سنوات كثيرة. لكن كانت هنالك عملية قتل في شيكاغو في اليوم التالي. لتصبح الآن قصة سياسية بسبب مكان وكيفية حدوثها.

لقد تم قتل رجل من الضواحي وسط مدينة شيكاغو عقب حدث لتذوق النبيذ، أخذ مكانه على الرصيف بحافة حديقة الألفية، التي تعد جوهرة السياحة في المدينة.

فقد تجمع آلاف الأشخاص خلال عطلة نهاية الأسبوع للاستمتاع في حدث عشاق الطعام، ذي الأسعار المعقولة نسبياً. لقد كان طعاماً للنخبة ومهرجاناً للنبيذ، كما أن سكان المدينة وضواحيها، ممن دعم بعضهم ترامب، وآخرون كلينتون، قد اشتروا تذاكر للحضور.

وقالت عائلة الضحية بيتر فابري إنه قد كان في طريق العودة للمنزل بعد الحدث، وذلك من دون تقديم أي تفاصيل إضافية. ووقتها، كان هناك واعظ في الشارع قد قال شيئاً لم يعجب فابري، وذلك بحسب الشرطة، ليبدأ الرجلان بالنقاش حول ذلك.

ومن ثم قال رجال الشرطة إن بول باغان البالغ من العمر 32 عاماً، وهو حليق الرأس ويضع وشماً، قد ظهر فجأة على دراجته النارية. ليتجادل مع فابري، وتوضح الشرطة أن الأول قد سحب مسدسه وأطلق النار على الأخير، مرتين.

وأعربت الشرطة أن باغان قد سبق أن قد تم اعتقاله 39 مرة، بسبب أمور جنائية عدة، ولتوجيهه البندقية مرتين على الناس خلال تجادله معهم. وقيل إنه قد كان مطلوباً للعدالة بناء على مذكرة لتهمة الاعتداء بسلاح قاتل.

عند تغطية عمليات قتل الأطفال الأبرياء في الأحياء الفقيرة، والتحدث مع عائلاتهم، والتوقف لدقيقة صمت عند تلك الأضرحة، فإن هنالك دوماً أمراً واحداً يمكن للمرء التأكد منه.

وهو أن الأسماء تنسى. قد يشعر الناس بالاستياء من عمليات القتل، إلا أنهم ينسون أسماء الضحايا، مثل أنتونيو سميث (9 أعوام)، أو نيازي بانكس (12 عاماً)، وهناك الكثير ممن نسينا أسماءهم. وهكذا فإننا سننسى اسم بيتر فابري أيضاً. إلا أننا لن ننسى مكان حدوث الأمر، ألا وهو وسط مدينة شيكاغو.

لقد تمكن الناس من التقاط أجهزة هواتفهم، وإرسال الرسائل لأبنائهم. والتحدث مع أصدقائهم عن ذلك الجزء من المدينة الذي من غير المفترض ألا تراق فيه الدماء. قائلين: لا ليس في هذا الشارع، ليس في ميتشيغان أفنيو.

قال عازف الهرمونيكا في الشارع، جيمس كرافن، الذي كان على بعد منتصف المسافة عند وقوع عملية القتل: لننسَ السياسة، وأضاف: قمت بجولتين في العراق. وكنت أعمل على تشغيل أجهزة التبريد والتسخين خلال الأسبوع. لقد عملت في منازل القسم 8. وأجوب أرجاء شيكاغو، وما لا تتوقعه هو قتل أحدهم في ميتشيغان أفنيو.

عندما يحدث الأمر للفقراء، لا تصاب الطبقة الوسطى بالخوف. فهم يعلمون القليل فقط عن حياة الناس الذين يعيشون في البؤس والخوف. لكنهم يعلمون أنهم، أنفسهم، يستقلون القطار ويمضون نحو وجهتهم في وسط المدينة كما لو كانت منطقة آمنة.

كما أنهم يصوتون.