يطلق على الحملة الرئاسية، رمزياً، اسم «سباق»، حيث يتوجه فيه مرشحان نحو الخط النهائي، اليوم الانتخابي، للفوز بجائزة الرئاسة.
إلا أن الحملة الرئاسية لعام 2016، أنتجت الكثير من السباقات الغريبة. وقد كان السباق الأول بين الإحراج والفضائح. فهل سيؤكد تسريب آخر لوثائق ويكيليكس، بأن هيلاري كلينتون مخادعة ومتواطئة على النفاق؟ وهل سيؤكد لنا مقطع فيديو يظهر استياء إحدى ملكات الجمال بأن حياة ترامب كانت، ولاتزال، غير مألوفة؟
يتسلم منصب الرئيس المرشح الفائز في يوم الانتخابات. وهنا قد يكون لترامب ورقة رابحة مميزة عن غيره. فجميع المعلومات، الجلية، التي عرفت عنه، أمورٌ من شأنها تأكيد ما نحن على علم به، سابقاً، بالنسبة إلى فظاظته. إلا أن أياً من التسريبات الإضافية عن هيلاري كلينتون، يمكنها تحطيم مظهرها الزائف المتداعي، الذي يصورها، كتابعة للمؤسسة، تنعم بالكثير من الاحترام.
وهناك سباق آخر بين الصحة النسبية للمرشحين الرئاسيين. فكلينتون في عمر الثمانية والستين تبدو ضعيفة للغاية. أما ترامب ذو السبعين عاما، فيبدو شديد الاهتياج.
يتم تمديد هذا السباق الذي يقترب من نهايته، وذلك إما لنلحظ تدهور صحة كلينتون، سواء بأن يغمى عليها، تقريباً، أو بأن تصاب بنوبة سعال. أو ليبقى ترامب، الذي لا ينام، ساهراً على برنامج «تويتر» حتى الساعة الثالثة صباحا لينخرط في فعل تدمير ذاتي عبر إثارة خلاف مع ملكة جمال، سابقة، أو أحد الجمهوريين.
يسعى الديمقراطيون لرفع معنويات كلينتون، ويريد الجمهوريون تهدئة ترامب. وحتى الآن، فإن القلاقل المثارة بشأن صحة كلينتون الضعيفة يبدو بأنها تطغى على جنون ترامب الليلي.
يتبدى السباق الثالث بأحد الانشقاقات داخل الأحزاب الممثلة لكلا المرشحين. فقد كشفت رسائل البريد الإلكتروني المسربة أن حملة كلينتون قد تواطأت، في فترة الانتخابات التمهيدية، مع اللجنة الوطنية الديمقراطية التي يفترض بأن تكون محايدة.
إن ترامب الآن في حالة حرب مع كل من كلينتون والإعلام الليبرالي. كما أنه في معركة أخلاقية مع معظم المثقفين الجمهوريين، بدءاً من واشنطن ووصولاً إلى نيويورك، بالإضافة إلى معظم وسائل الإعلام التقليدية المحافظة، والطبقة الاستشارية. وحتى الآن فإن حرب ترامب المدنية أكثر تأثيراً من حرب كلينتون. هناك سباق رابع بين وسيلتي إعلام مختلفتين. فمصادر وسائل الإعلام التقليدية، منافذ شبكة الأخبار الرئيسية الثلاث، نيويورك تايمز الرائدة وواشنطن بوست، والشركات التابعة للراديو الوطني العام وشبكة تلفزيون «بي بي إس»، فضلاً عن البرامج الليلية، وأماكن لقاء مشاهير هوليود، جميعها وسائل إعلام مؤيدة لكلينتون، بشكل مباشر.
هناك الكثير من العصابات الإعلامية الإخبارية الأميركية في العالم التي ترتبط بإدارة الرئيس الأميركي باراك أوباما، كما أن الصحافيين، وبشكل مماثل، مرتبطون بحملات كلينتون، السابقة والحالية. وعلى نحو مفترض، فإن المشرفين على النقاش المحايد والحقائق يؤيدون كلينتون، بشكل علني.
وبالمقابل، فإن بعض مقدمي برامج الحوار على الراديو، مثل راش ليمبو ولورا إنغراهام، ناهيك عن مواقع الإنترنت مثل «أخبار بريتبارت»، و«درادج ريبورت»، وبعض المضيفين على قنوات فوكس نيوز وعدد من المدونين، يؤيدون دونالد ترامب، بشكل صريح.
وفي حال تغلبت كل من الروح والشغف على المبادئ في تلك السباقات، سيتمكن الإعلام غير التقليدي المؤيد لترامب من هزيمة الإعلام الذي يمكن التنبؤ به، والمؤيد لكلينتون. ولكن حتى الآن، فإن كلينتون وصلت إلى عدد أكبر من الناخبين عن طريق الاستعانة بالإعلام القديم، مقارنة بترامب الذي يستعين بالإعلام الجديد.
هناك سباق آخر بين الشخصيات المزعجة للمرشحين أنفسهم. فخلال الأسابيع المقبلة، هل سيضجر الناخبون من صيغ التفضيل المطلقة، والفارغة، لترامب أثناء حديثه، مثل «رائع»و«عظيم» و«هائل»، أو تشدقه وهو يدافع عن حياته المهنية؟ أو هل سنصبح منهكين، على نحو أكبر، من تشبيه كلينتون «بالممرضة راتشيد» التي ظهرت في فيلم «أحدهم طار فوق عش الوقواق»؟
كلما انفجر ترامب في رد ما رأينا رتابة رد كلينتون، بشكل أكبر. ومع ذلك فإن الهدوء المصطنع لايزال أمراً مفضلاً أكثر مقارنة بالصراخ الحماسي، أحيانا.
هناك سباقان نهائيان، وهما الأهم من كل السباقات السابقة، ممثلان بالمال والوقت. لقد حصل ترامب، صاحب المليارات، على مال أقل في حملته، مقارنة بهيلاري كلينتون التقدمية المناهضة لوول ستريت. بيد أن الوقت بات أكثر قيمة من المال.
إن كلينتون في الطليعة، وتتربع الصدارة. في حين أن ترامب متراجع، ويحتاج لأسبوعين آخرين قبل يوم الانتخابات. يبدو أن معظم استطلاعات الرأي التقليدية والموثوقة مثل «غالوب» و«رويترز» وغيرها، تؤكد الأغلبية الكبيرة لكلينتون. وفي هذا العام الغريب، سيكون الفائز، هو الناجي الذي وصل بالكاد إلى خط النهاية في الثامن من نوفمبر 2016.