لخص الرئيس باراك أوباما إنجازاته في خطاب «حالة الاتحاد»، الذي ألقاه عام 2016. وفي الليلة ذاتها، أصدر البيت الأبيض بياناً صحافياً يروج لإنجازات أوباما.

والآن، وبالنظر لمغادرته البيت الأبيض، كيف سيجري العمل بتلك المبادرات الموجودة في البيان الصحافي؟.

خذ على سبيل المثال «تأمين تطبيق اتفاقية باريس التاريخية للمناخ». إذ لم يجر، على الإطلاق، تقديم الاتفاقية للكونغرس في صورة معاهدة. وسيتم تجاهلها من قبل الرئيس المنتخب دونالد ترامب.

أما بالنسبة إلى «الانفتاح على كوبا»، بات احتفاء ميامي الأخير بوفاة فيدل كاسترو، وانتصار ترامب في فلوريدا بمثابة أدلة على عدم شعبية هذه الصفقة الأحادية.

وعند الحديث عن «تدمير داعش» و«تفكيك تنظيم القاعدة»، فإننا، على الأقل، نحقق بعض التقدم ضد تلك الجماعات. ولم يتم تفكيك أي من تلك الجماعتين أو تدميرها. وعلى الرغم من وفاة أسامة بن لادن، لايزال الانتشار، واسع النطاق، للتطرف في كل من أوروبا وأميركا، دون رادع، وذلك إلى حد كبير.

وفيما يتصل بـ«إنهاء المهام القتالية في أفغانستان والعراق»، تتواصل الحرب الأفغانية، وساعد الانسحاب المتسرع لجميع قوات حفظ السلام الأميركية في عام 2011 من العراق الهادئة، على زرع الفوضى في بقية أرجاء الشرق الأوسط. ونحن حالياً في خضم إرسال المزيد من الجيوش للعراق.

بالنسبة إلى «إغلاق خليج غوانتنامو»، كان ذلك وعداً ضائعاً، أبرم قبل ثماني سنوات. ولايزال مركز الاعتقال ذاك يؤوي إرهابيين خطيرين.

وبتناول مسألة «إعادة التوازن لمنطقة آسيا والمحيط الهادئ»، فقد أخفقت سياسة «التمحور حول آسيا». وتعتبر الفلبين اليوم موالية لكل من روسيا والصين معاً. ناهيك عن أن الحلفاء التقليديين، مثل اليابان وتايوان وكوريا الجنوبية، يشعرون بالخوف من أن أميركا غير قادرة على ضمان استقلاليتها.

وفي ذات السياق، ذكر خطاب أوباما مسألة «تعزيز الأمن السيبراني»، وقد ادعى الديمقراطيون وجود تدخل روسي في الانتخابات الأخيرة. ولو تم إثبات صحة ذلك، فإنه سيكون دليلاً على عدم وجود شيء يدعى «الأمن السيبراني». وتؤكد تسريبات «وكيليكس» ورسائل كلينتون المسربة، فضلاً عن الأمور التي أفشاها إدوارد سنودن، تؤكد على أن إدارة أوباما كانت أضعف فترة رئاسية في التاريخ، وذلك فيما يتعلق بالأمن السيبراني.

أما موضوع «تعزيز شراكة الحكومة المفتوحة»، فإن فضيحة وكالة الأمن القومي، وملاحقة صحافيي «أسوشيتد برس»، فإن بعض الأسرار الدفينة التي كشفتها «وكيليكس»، إلى جانب فساد مصلحة الضرائب، جميعها عوامل تكشف أن إدارة أوباما كانت واحدة من أقل الفترات الرئاسية شفافية في الذاكرة.

تحدث باراك أوباما يومها عن «تكريم قدامى المحاربين في البلاد»، بيد أن إدارة شؤون المحاربين القدامى في عهده غرقت في الفضائح، كما أن معظم مستشفياتها غارقة بالأمراض والوفيات غير الضرورية.

وبالنسبة إلى مسألة «التأكد من أن سياسة أميركا تعكس أفضل ما في البلاد»، فإن الحملة الرئاسية لعام 2016 كانت من بين الحملات الأكثر مدعاة للشر، على الإطلاق. وكشفت «ويكيليكس» عن تواطؤ غير مسبوق بين الصحافيين وحملة كلينتون. وبالمقارنة، فقد مثل أوباما، سابقاً، أول رئيس في البلاد يرفض أموال الحملات العامة. وكان أكبر جامع تمويلات من المال الخاص، وأكبر جامع للمال في «وول ستريت» في التاريخ، أو في الحملات الرئاسية.

وفيما يتعلق بـ«حماية حقوق التصويت»، فقد أعقبت الانتخابات الرئاسية الأخيرة أعمال شغب، وانضم الديمقراطيون، من دون أي أساس، لإعادة فرز الأصوات في الولايات الرئيسية المتأرجحة. وقد عمل التقدميون على إلقاء اللوم، بشكل مستمر، على المجمع الانتخابي الذي يكفله الدستور. ليصبح ناخبو البلاد عرضة لحملات الترهيب.

وبالنسبة إلى إجراء «تقوية قوات الشرطة»، فإن عمليات الهجوم القاتلة على الشرطة في ازدياد.

تحدث أوباما عن «الحث على تكامل المهاجرين واللاجئين والتوعية بالمواطنة»، إلا أن حدود أميركا الجنوبية غير منجزة، إلى حد بعيد. وقد تم تجاهل قانون الهجرة، على نحو كبير للغاية. ولم تكن سياسة الرئيس لشؤون اللاجئين تحظى بشعبية كبيرة، وأثبتت وقوع كارثة بحسب ما اتضح من تفجيرات بوسطن، وهجوم سان بيرناردينو، والاعتداء في وأورلاندو، وإطلاق النار والعنف الإرهابي في جامعة ولاية أوهايو في الآونة الأخيرة.

لنلاحظ ما أغفله موظفو أوباما، وهو عمله على مضاعفة ديون البلاد في ثماني سنوات، وقانون «الرعاية بأسعار معقولة» غير القابل للتطبيق، والذي سيتم إلغاؤه قريباً، إلى جانب سبع سنوات من النمو الاقتصادي الهزيل، وعدم مشاركة العمال، وسياسة إعادة الضبط الفاشلة في الخارج، والشرق الأوسط الواقع في حالة دمار.

فلماذا انتعشت شعبية الرئيس الغارقة، في وقتها، وذلك بشكل مفاجئ خلال عام 2016؟

اختفى أوباما من شاشات التلفاز الأميركي، ليحل محله مرشحان لا يتمتعان بالشعبية، وهما هيلاري كلينتون ودونالد ترامب. ونتيجة لذلك، اكتشف أوباما أن فكرته المجردة للبطة العرجاء كانت أكثر شعبية مقارنة بالحقيقة الباردة لفترته الرئاسية على امتداد ثماني سنوات.

ليتكيف أوباما، على نحو حكيم للغاية، ويظهر بشكل نادر، أو يسمع صوته بشكل أقل في أغلب عام 2016. وبالتالي يغادر أوباما حالياً وسط الخراب الحاصل في الحزب الديمقراطي، لفترة ما بعد الرئاسة المثمرة، بشكل حيادي، ودون أي إرث.