كشخص يعيش في فرنسا وبالنظر إلى أن البلاد كانت معرضة إلى كثير من الهجمات الإرهابية خلال السنوات الماضية، فسأنتقد على الأقل طبيعة مبادرة ترامب في تأمين الحدود من خلال التدقيق الشديد في القادمين.

لقد شهدت نتائج مباشرة لزحف انعدام الأمن والتفكك الثقافي، الذي يعزى مباشرة إلى إصرار أوروبا على معاملة حدودها باعتبارها مجرد موضوعات مقترحة، بدلاً من حدود قابلة للتنفيذ. وفي حال فشل ترامب في التصرف، فإن أميركا ستبدو كثيراً مثل أوروبا.

المشكلة ليست مقصورة على المتطرفين الخطرين، الذين قد يرتكبون فظائع إرهابية، بل يتفاقم الأمر ليصل إلى المجتمعات التي تخفي مثل هؤلاء الأفراد من السلطات، وتحميهم، وتؤويهم من خلال الصمت.

وأخبرتني مصادر في الشرطة أن هذه المناطق يحظر الذهاب إليها، حيث تواجه الشرطة مخاطر عالية في مهاجمتها. هذه هي المرحلة النهائية لسياسة الهجرة الوطنية، التي تفشل في الأخذ في الحسبان الأمن والتوافق الثقافي.

إن كل دولة نجحت في الحفاظ على هويتها الثقافية لديها بالضرورة نظام اختيار يرفض أو يوافق على الدخول على أساس بلد المنشأ.

إن الحقوق المدنية التي تعاني تحت وطأة الفحص التعسفي للقادمين يتوجب أن تكون مشجعة للتدقيق الموثوق والملائم. وأي شيء أقل من ذلك قد يوجه المهاجرين نحو الشك المستمر. والمشكلة هي أن دعاة الحقوق المدنية يقولون إن تدقيق الحكومة يتطلب عملاً استخباراتياً، وهو ما يرفضه هؤلاء عادة من أجل حماية الخصوصية الشخصية.

من الممكن القول إن التدقيق الملائم أمر مستحيل من دون إعادة إصلاح الأجهزة الاستخباراتية. ونحن نتحدث، هنا، عن أجهزة الاستخبارات ذاتها التي أصدرت تأشيرات دراسية للإرهابيين عشية هجمات الحادي عشر من سبتمبر.

أجهزة الاستخبارات ذاتها التي لا يمكنها التيقن من المشتبه بهم الرئيسيون بالإرهاب أو إنكار وجودهم، وهؤلاء غالبا ما يتعرضون للقتل بواسطة الطائرات الموجهة عن بعد.

وفي حال لم يمكنهم التأكيد عما إذا كان الإرهابيون الذين يتابعونهم أحياء أم أموات، فكيف بإمكانهم التدقيق في الرجال التقليديين المنحدرين من مستوى تعليم وتدريب مهني متوسط المستوى، والقادمين إلى الولايات المتحدة من منطقة محددة مشتبه بها؟ وأخيراً، يجب على ترامب أن يبقي في ذهنه الدرس المستفاد من نابليون بونابرت، وهو الخبير الاستراتيجي الكبير الذي فشل عام 1812 في لفت الانتباه إلى الخدمات اللوجستية، لإجبار جنوده على الاعتماد على الروس من أجل الطعام والماء (بدلاً من عربات الدعم) أثناء محاولة الاستياء على روسيا.

وكان لذلك دور فعال في هزيمته وسقوطه ونفيه في نهاية المطاف. وهنا، يتحدث الهواة عن الاستراتيجية، بينما يتحدث المهنيون عن الخدمات اللوجستية.

وبالحديث عن اللوجستيات فإن حظر المهاجرين من سبع دول ذات غالبية مسلمة من دخول الولايات المتحدة يجب أن يركل إلى الثقب الأسود. وبالتالي فإن التنفيذ اللوجستي لأوامر ترامب مؤثر على غرار حملة نابليون الروسية، ويقلل من الصقيع والمجاعة.

ومؤخراً، قال رئيس بلدية نيويورك السابق رودي جولياني لمحطة فوكس نيوز: «ترامب قال ضعوا المفوضية سوية، أروني الطريقة المثلى لتحقيق ذلك على نحو قانوني. لقد جمعنا المفوضية سوية، وما فعلناه هو أنا ركزنا على مناطق العالم التي تشكل تهديداً لنا بدلاً من الدين والخطر».

اختيار الدول السبع ممتع في حد ذاته. وهكذا هي حقيقية أن جولياني شارك بمسيرة عام 2012 الخاصة بمنظمة مجاهدي خلق، وهي مجموعة ايرانية وضعت على قائمة الولايات المتحدة الخاصة بالمنظمات الأجنبية المصنفة بأنها إرهابية. وتسبب الحظر بفوضى لا نهاية لها للمسافرين الذين يتقيدون بالقانون على امتداد العالم.

وكان السكان الدائمون المقيمون في الولايات المتحدة قد اعتقلوا في المطارات، وغير متأكدين ما إذا كان سيسمح لهم بالعودة إلى دولهم. وكان حاملو أكثر من جواز سفر في حيرة من أمرهم بشأن التوجيه الذي يطبق على شركات الطيران الدولية.

ليس هناك من عذر لهذا الأمر. وهذا تلعثم على غرار تلعثم كيستون كوب. ولوضع هذا في سياق يفهمه ترامب صاحب المليارات: لقد طلبت من أحدهم أن يبني لي ناطحة سحاب وأعطيته الرؤية كاملة إلا أن أحداً لم يحقق من ذلك، والنتيجة هي برج بيزا المائل. وهو مائل مثل الإدارة الأميركية. عليك أن تسمي كل شيء باسمه.