انتهت اجتماعات قمة الحكومات والتي استطاعت أن تكون منصة جمعت أكثر من 4 آلاف مشارك من أنحاء العالم شاركوا في استشراف مستقبل حكومات العالم في السنوات المقبلة. لقد أثبتت القمة نجاحها في الترويج لأفضل الممارسات الإدارية سواء على النطاق المحلي أو العالمي.
واستقطبت القمة نخبة من القيادات وصناع القرار ورواد الأعمال للمشاركة في استشراف المستقبل وتقديم الآراء والمقترحات التي سوف تسهم في استشراق المستقبل على أسس علمية وبموجب تخطيط جيد وتمكينها من تحقيق التفوق والريادة.
وكان ضيف الشرف في هذه القمة اليابان التي أثبتت ريادتها ليس فقط في التقدم العلمي والحضاري ولكن في مجال التفوق الأخلاقي أيضاً.
ومن المؤكد أن دولة الإمارات أثبتت من خلال هذه القمة، كما القمم الأخرى، أنها صاحبة مشروع حضاري تنويري يهدف لخير البشرية جمعاء وليس خير وإسعاد شعبها فقط.
وكان ذلك واضحاً من خلال المبادرات والمشاريع الطموحة وغير التقليدية التي طرحتها الإمارات في اليوم الأخير للقمة. لقد نجحت القمة في تقديم متحدثين متميزين كلا في مجال تخصصه من أكثر الدوائر المحلية والوزارات الاتحادية الذين قدموا عصارة تجاربهم وجهدهم في الأساليب الإدارية والحكومية المميزة.
ولعل أكثر ما أثار الإعجاب وولّد الحماس حديث صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم بشأن استئناف الحضارة العربية، وحديث سمو الشيخ سيف بن زايد آل نهيان عن الأخلاق ودورها في الارتقاء بالأمم والحضارات.
كلا المحاضرتين بلور الأسباب الرئيسة لتفوق دولة الإمارات ليس فقط الحضري ولكن الحضاري أيضاً.
حديثا محمد بن راشد وسيف بن زايد يجب أن يكونا منهاج عمل للحكومات والأفراد لأنهما وصفة حقيقية للإدارة الحديثة التي تؤدي إلى الريادة والنجاح.
لقد جعلنا محمد بن راشد نمتلئ حماساً ورغبة في تطوير ذواتنا لخدمة مجتمعنا لدرجة أن حديثه أوردته معظم وسائل الإعلام والتواصل المحلي والعربي والعالمي، فوصفة «محمد بن راشد لاستئناف الحضارة» يجب أن تكون منهاج عمل للعديد من الدوائر ليس في الإمارات فحسب بل على مستوى العالم، ونجاح دبي كأنموذج متميز قائم ليس فقط على أسس حديثة بل على أخلاقيات الريادة والقيادة هي سر نجاح دبي.
من ناحية أخرى فنجاح الحكومة الاتحادية منذ تولي سموه رئاسة مجلس الوزراء في تخطي العديد من الصعاب الإدارية والمالية هو في حد ذاته وصفة حقيقية لنجاح أي إدارة.
من جانب آخر أتت محاضرة سمو الشيخ سيف بن زايد الشيقة لتلقي المزيد من الضوء على طبيعة مجتمع الإمارات وتطوره التاريخي القائم على أسس أخلاقية مستمدة من روح الاتحاد ورواده الأوائل.
فنجاح تجربة الإمارات الحالية قائم على مرتكزات بنيوية وضع أسسها المغفور له بإذن الله الشيخ زايد ين سلطان، طيب الله ثراه، وإخوانه أصحاب السمو حكام الإمارات ويكملها جيل الأبناء المؤسسون.
فالتاريخ ليس فقط الحضارة المادية ولكن الحضارة الأخلاقية والريادة في القيم الأخلاقية التي تحضنا على السلام والأمن وتعمل لخير البشرية جمعاء.
المحاضرات التي قدمها المتحدثون في القمة والتوصيات التي أوصى بها صناع القرار والقيادات الحكومية في القمة يجب ألا تبقى حبيسة الأدراج للعام المقبل، ولكن أن تعمم على كل الدوائر الحكومية حتى تعم الفائدة، وتأتي قمة 2018 وقد جنينا ثمارها في صورة ليس فقط مشاريع مادية ولكن أساليب إدارية يتم تطبيقها.
فقد كانت هناك محاضرات كثيرة متوازية، والقاعات غصت بالحضور، الأمر الذي منع الكثيرين من حضور تلك المحاضرات المهمة، ولذا فإن طباعتها وتوزيعها على الجامعات والإدارات المهتمة سوف يعمم الفائدة.
تلك المحاضرات المسجلة أو المطبوعة منها يجب أن تعمم على جميع الدوائر المعنية حتى تستفيد منها وتطبق ما يجب تطبيقه وتتجنب ما يمكن تجنبه من ممارسات خاطئة أو غير فعّالة.
إن القمة الحكومية يجب ألا تبقى منصة لفئة معينة من الحضور الذي استطاع أن يحضر القمة بل تكون متاحة للجميع من القائد المؤثر إلى الموظف البسيط في أصغر إدارة محلية في الإمارات. بهذا تعم الفائدة ويجني الجميع ثمرة جهد وتخطيط استمر لعام كامل. وفي انتظار القمة العالمية للحكومات 2018.