ربما يكون الرئيس دونالد ترامب قد أسدى خدمة للصحافة الأميركية، برفضه حضور عشاء البيت الأبيض المزمع عقده الشهر المقبل، ولكن بالنسبة للحزب الديمقراطي المعارض التقليدي لا يمكن للنخبة الصحافية في واشنطن فهم هذا الأمر.

لقد استنكر الإعلام ذلك، فيما استنكر ترامب غضب الصحافيين، ولا أتمنى أن أجرح أصدقائي الذين يحبون مثل هذه الأحداث الصحافية، كعشاء مراسل البيت الأبيض أو «عشاء نادي غريديرون» أقدم المنظمات الصحافية المرموقة، وتعتبر الجمعيات المهنية على درجة عالية من الأهمية، فضلاً عن أن رؤية الأصدقاء القدامى أمر جيد.

لقد حضرت عدداً قليلاً من حفلات العشاء هذه، إلا أنني أصررت على أن أسخر منهم بكتابتي على الورق، بحيث لا تتم دعوتي مجدداً، وحتى لا أفقد شيئاً مهماً بالفعل مثل مباريات كرة قدم أطفالي.

الأمر الآخر هو أنه لا يتوجب على ترامب الحضور، فعشاء «نادي غريديرون» من ذوي ربطات العنق البيضاء، فيه تسلية موسيقية، يؤدي فيها الصحافيون على خشبة المسرح الكثير من عروض برودواي ومختلف الإيقاعات لتسلية عدد كبير من الأقوياء. هذه ليلة الأناشيد البليغة، إلا أن الأعمال البليغة تزعجني.

ربما الصحافيون على خشبة المسرح هم من يؤدون دور المهرجين. وفي شيكاغو، قد تثمل، ولكنك لن ترقص من أجل أحد ما. وربما لن توقع أبداً في يوم من الأيام على أنشودة بليغة لسياسيين من شيكاغو، لا في السر ولا في العلن، ولن تشرب ولن تهتاج بجنون صارخ.

إذاً لماذا قد يعمل صحافيو واشنطن من أجل الرئيس، أو الغناء والرقص على غرار ما رقص بعضهم في أواخر القرن التاسع عشر، بتوثيق العلاقة بين الصحافة والتقدمية؟ لأنهم يريدون ذلك، وهذه هي المشكلة، أليس كذلك؟ يريدون فعل ذلك.

هذه مشكلة أكبر من تلك الموجودة في الإعلام الليبرالي لقاء انقسام ترامب، وهذا أمر متوقع، ويمكن التنبؤ به، ومفهوم جداً، إلا أن التوق كي يكونوا جزءاً من الأبهة المالكة شيء آخر أيضاً. وفي الحقيقة لو أن ترامب يبقى بعيداً عن عشاء الصحافيين، لكان الغياب الرئاسي يجبر عدداً قليلاً فقط على طرح الأسئلة حول القضية الأساسية.

وهناك الكثير من الصحافيين على الأقل من هؤلاء، الذين بإمكانهم التفكير، بما بعد القبلية الليبرالية يشعون بعدم الاستقرار حيال شيء لا يقال عادة إلى الأميركيين. هذا ليس أمراً مريحاً في كثير من الأحيان بالنسبة إلى الأميركيين، والأمر ليس مثل غناء الأناشيد.

الصحافة الحرة والقوية أمر بالغ الأهمية، للحفاظ على جمهوريتنا. ويجب أن يتم تحدي كل رئيس. الصحافيون جيدون في كشف الغطاء عن الحقائق المخيفة، ونشر الأكاذيب ورواية القصص المقلقة.

ومع ذلك عندما يتعلق الأمر باختبار الذات مقارنة مع ما حدث في أميركا خلال السنوات الماضية فإن الصحافة كانت عمياء تقريباً، وبسبب هزيمة ترامب للمؤسسة السياسية في واشنطن والحزب الجمهوري أولاً ومن ثم الديمقراطيين أصبحت الصحافة غير قادرة على رؤية عيوبها، وخلال الانتخابات الأخيرة، فتح جرح كبير أمام الأميركيين كي يروه.

الأمر كان بمثابة تواطؤ بين نخبة الصحافيين واللجنة الوطنية الديمقراطية، وكانت موجودة في ويكيليكس.

لم يتم التعامل مع ذاك الأمر على نحو فعلي إلا بطريقة ثنائية وحزبية، ويمكن التنبؤ بها، إلا أن جوهر الأمر لم يخطئ كثيراً. وتم تخطي جوهر الأمر. بالنظر إلى أن المنظمات الإخبارية تتحدث عن التوجه إلى الحرب من أجل الحقيقية. وسمح بتفاقم المسألة، وأن تؤثر على شيء واحد مهم جداً كي تؤدي الصحافة عملها: وهو المصداقية.

وهناك في صحيفة شيكاغو تريبيون، التي أعمل فيها الكثير من الاقتباسات الصحافية، ومن أفضلها بالنسبة لي: «أينما توجد صحافة حرة فيجب على الحكام أن يعيشوا في رهبة مستمرة من آراء المحكومين».

لاحظ أنه لم يتم ذكر أن الصحافيين يرقصون أو يغنون من أجل من يحكمونهم، أو ما يحدث عندما تتعرض المصداقية للتشكيك، لا يوجد هناك ذكر للتعايش مع البيروقراطية، ولا ذكر للمديح!