في زمن ابن بطوطة، خلال القرن الرابع عشر، استخدم الرحالة المسلمون لجزر المالديف أصداف القواقع كونها عملات للبلاد، نظراً لأنها كانت ثمينة للغاية، وقد وصلت تلك الأصداف لمناطق مثل مالي في غرب أفريقيا، وفي ذلك الوقت، جرى استخدام الجمال والمواشي كونها وسيلة للدفع عن البضائع.

كان العالم الإسلامي، في ظل حكم السلاطين أو الحكام المستقلين، يستعمل الذهب والفضة عملته العالمية، ولكن لمعاملات العالم الإسلامي في الخارج قصة مختلفة، فقد كانت تجربة ابن بطوطة المالية في الصين مختلفة جداً، فكما أطلعنا عليه: «كان الناس في الصين تشتري وتبيع بقطع ورقية، يصل حجمها إلى حجم راحة اليد، مختومة بختم السلطان.

وفي حال توجه شخص ما إلى البازار مستخدماً العمل الفضية، فإنها لا تقبل منه، ويهمل الشخص على الفور».

وفي القرنين الثامن والسابع، كان يجري إيجاد الأموال من الذهب والفضة، تقريباً، وكان أول خليفة يأمر بصناعة عملاته الخاصة هو الخليفة الأموي عبد الملك بن مروان، الذي حكم من الفترة 685 إلى 705. ومثلت تلك الدنانير أول عملات ذهبية، نقش عليها باللغة العربية، كما كانت الأموال في السابق عبارة عن سيل من العملات النقدية الفضية الساسانية، وكانت العملات المعدنية البيزنطية من النحاس والذهب.

من خلال صك عملاته الخاصة في عام 691، تمكن الخليفة عبد الملك من الحفاظ على حكمه مستقلاً عن البيزنطيين، كما تمكن من توحيد المسلمين كافة بعملة واحدة. لقد حاكت تلك العملات الجديدة العملات البيزنطية «سوليدوس»، وكانت تعادلها في الحجم والوزن،

حينها غضبت الامبراطورية البيزنطية من ذلك التقدم، بالنظر إلى أن المال الجديد كان يعني المنافسة في الأساس، ما أدى لإنتاج عملات جديدة، رد الخليفة عبد الملك بن مروان على ذلك بأن عمد لإنتاج عملة جديدة الشكل، يظهر فيها الزي العربي، وشخص يمسك بالسيف.

لقد وصل إلى العصر الحديث ثماني عملات من تلك الدنانير البيزنطية العربية القديمة، التي تستند تواريخها للتقويم الإسلامي الجديد، وفي عام 697، قدم الخليفة أول عملة إسلامية دون وجود أي شخصيات عليها، ليتم نقش آيات من القرآن على طرفي الدينار الجديد، بعدها جعلها العملة الوحيدة، التي تستخدم في جميع أنحاء المملكة الأموية.

لقد كان من المفترض تمرير كل القطع النقدية المتبقية لخزينة الدولة، ليتم صهرها، وإعادة سكها، وبشكل عام، كان يجري سك عملات الأمويين الذهبية في دمشق، بينما كان يتم سك العملات الفضية والنحاسية في أماكن أخرى.

عقب سك العملة الأولى، جرى إصدار العديد من العملات، وبقيم مالية مختلفة، وبعد قهر شمال أفريقيا وإسبانيا في تلك الصناعة، أسس الأمويون سك عملات جديدة، مرسوماً عليها اسم المدينة وتاريخ سكها، ليظل الدينار العملة الرئيسة المستخدمة حتى عام 762 عندما أسس الخليفة المنصور بغداد، إذ انتقل سك العملة للعاصمة الجديدة.

من هنا، بدأ نقش اسم الشخص المسؤول عن تلك النقود بالظهور على العملات الفضية المعروفة بـ«الدراهم»، ولكن ذلك لم يستمر طويلاً، عند تولي هارون الرشيد السلطة عام 786، أسهم في صك الدنانير، ووضع أسماء حكام مصر عليها، باستخدام رموز من بغداد والفسطاط، ومقر حاكم مصر.

لقد جرى استخدام الدنانير من قبل الفاطميين، الذين حكموا بين عامي 909 و1171، ونقشوا عليها بالخط الكوفي. وأصبحت تلك أكثر أنواع التجارة انتشاراً في العالم، من البحر الأبيض المتوسط، وذلك لجودتها الممتازة، ولإصدار العديد من تلك العملات.

وعندما استولى الصليبيون على فلسطين، نسخوا تلك العملات بدلاً من صك عملات خاصة بهم.

تنقلت الدنانير الذهبية من الأندلس على امتداد أوروبا خلال عام 711، ومن ثم خلال حكم بني نصر، بين عامي 1238-1492، تحولت الدنانير إلى دراهم. ومثل وقتنا الحالي، لم تعد العملات طريقة الدفع الوحيدة، حيث كانت الشيكات موجودة قبل عقد من الزمن.

وخلال زمن هارون الرشيد، وتحت نظام مصرفي غاية في التطور، كان بإمكان التجار أن يصرفوا شيكاتهم في الصين، بحيث يسحب المبلغ من حساباتهم في بغداد.