بدأت شركة والت ديزني في عام 1923 كاستوديو متواضع للرسوم المتحركة، ونمت لتصبح شركة عابرة للقارات تمثل تكتلا لوسائل الإعلام الدولية التي تعمل في أكثر من 40 دولة وحوالي 166 ألف موظف.
هدف شركة والت ديزني أن تكون الرائدة بين منتجي ومقدمي خدمات وسائل الترفيه والمعلومات في العالم، وذلك باستخدام علاماتها التجارية. والنتيجة هي أن الخيارات والاستثناءات والقيم التي تسردها إزاء الفرح، والسرور، والعيش في عالم معولم، أمور غالباً ما يصعب تمييزها من قبل الأطفال.
ينبغي فهم شركة ديزني في سياق يجعلنا نتمكن من وضع إمبراطورية ديزني، ومعناها وتأثيرها خارج الأطر التفسيرية الضيقة التي تغلق باب التقييمات النقدية لطريقة عملها. حيث تُمثِّل علامتها التجارية مرادفاً لمفهوم براءة الطفولة والترفيه البريء.
وتبدو ديزني جريئة في محاولة السيطرة على الخطاب العام، وتقويض القدرات النقدية والسياسية اللازمة للجيل القادم، وتعمل على صرف النظر عن نقدها بكل الطرق. وتمارس العمل على نشر نفوذها الثقافي والاقتصادي والسياسي من خلال رسومها المتحركة وأفلامها أو حدائق الترفيه وبضائعها وألعابها في جميع أنحاء العالم.
وحين ندقق النظر في عملها سيظهر التناقض بين ثقافة ديزني، التي تقدم نفسها على أنها تشكل نموذجا للفضيلة والبراءة الطفولية، وبين واقع وحقيقة الأخلاقيات التجارية للشركة التي تعمل للسيطرة التجارية والثقافية الشاملة على الأطفال والمراهقين في العالم.
الآن ديزني هي موزع لنوع معين من الثقافة في جميع أنحاء العالم، وتركز على الثقافة الشعبية وتوسع باستمرار منتجاتها وخدماتها للوصول إلى كل منبر إعلامي متاح. كرمز للثقافة الأميركية تناشد ديزني ضمير الوالدين وخيالات الشباب، وتشكل آلة تعليمية خفية تمارس تأثيرها في الأطفال والشباب. كما أنها تعمل بجد لتحويل كل طفل إلى مستهلك لمنتجاتها وأفكارها.
مع حجم سوق ديزني والنفوذ المذهل فلديها امكانات هائلة لتشكيل حياة الأطفال، حيث شهدت المجتمعات العالمية تغييراً في الحياة اليومية للأطفال التي تميزت بتقدم ديزني لمعايير الرفاهية وضروريات الحياة. وتقوم بتحويل ثقافة البراءة الطفولة وحمايتها إلى ثقافة السلعة.
تنأى أفلام ديزني عن تقديم رسائل واضحة لتعزيز حسن التصرف للأطفال والشباب.
نجد في كل فيلم من أفلام ديزني أن السعادة وحسن الحظ يتحققان بعد اتباع بعض القرارات السحرية لمشاكل الشخصيات الرئيسية في الفيلم. وتبحث شخصيات ديزني عن السعادة المثالية، فهي غير راضية عن حياتها مهما كانت ظروفها رائعة. ويتم تقديم رسالة خاطئة جدا لأطفال العالم بأنهم يجب ألا يكونوا راضين عما لديهم، إلا إذا كانت حياتهم مثالية، في حين تقول لهم في نفس الوقت إنه لا يمكن تحسينها دون بعض المساعدة السحرية ولذلك يجب أن لا يحاولوا ذلك.
وتغتال ثقافة ديزني من خلال قصص الرسوم المتحركة ودروسها المشوهة للحياة براءة الطفولة. وتُدمِّر شخصية الأطفال في العالم.
وكل فتى وفتاة في العالم، وخاصة الفتيات، يكبرن تحت تأثير عالم سحري من انتاج شركة ديزني. وتجربتنا العربية خير شاهد على ذلك إذ تحاصر منتجات ديزني أطفالنا في كل مكان، فليس هناك محطة تلفزيونية لا تذيع برنامجاً من إنتاجها، ولا تخلو متاجر الملابس أو الألعاب أو المكتبات أو الأحذية أو غيرها من سلعها المعروضة فيها.
ونلاحظ اتجاهاً غامراً لحب الأطفال لشخصيات العلامات التجارية لديزني، ونادراً ما تخلو غرفة طفل من أطفالنا أو إحدى قطع ملابسه من أحد شخوص ديزني، ونادراً ما تخلو غرف رياض الأطفال أو المدارس الأساسية من ملصقات لأحد وجوه ديزني المألوفة.
ونحتاج في مجتمعاتنا إلى فهم إنتاج ثقافة ديزني وتوزيعها واستهلاكها وتزويد الوالدين والتربويين والشباب بالأدوات التي من شأنها تمكنهم للتوسل بالطرق النقدية لمواجهة ثقافة ديزني.