لو أن رئيس الولايات المتحدة دونالد ترامب لم يقم أبداً ببناء أي جدار حقيقي على امتداد الحدود المكسيكية، لكان الأمر عبارة عن استعارة لابد منها لإغلاق العالم المهدد وحماية ترامب الذي فاز بالانتخابات الرئاسية.

من دون حدود للتعريف بهويتنا، فإن أي مجتمع يخسر إذا لم يحدد مصيره في عالم اليوم.وبالتالي قد تكون تلك الرسالة ذات صدى في أمة مؤلفة من المهاجرين في مؤشر على تأثير العولمة المدمر على أي شعور قوي بالتماسك الثقافي والاجتماعي.

من دون أي حدود تعرف هويتنا، فإن أي مجتمع قد يخسر مسألة تأمين مصيره بسبب التنقل المستمر، والتدفق الذي لا نهاية له في عالم اليوم، وفي النهاية فإن هذا الشعور بفقدان السيطرة على مصير الفرد هو نتيجة للتغير التكنولوجي.

وهذه المسألة عبارة عن إحساس بفقدان السيطرة على المصير الواحد، والعولمة لها صلة بالهجرة الجماعية، وهي على ارتباط برد الفعل الشعبي. وتعتبر سياسة الهوية محاولة لإيجاد مساحة آمنة ومألوفة بالنسبة للشخص في عالم مليء بالاضطرابات والغرباء.

تصويت البريكست لخروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي، بالإضافة إلى انتصار ترامب والظهور القوي للجبهة الوطنية الخاصة بمارين لوبان في الجولة الأولى من انتخابات فرنسا، يجب أن يقنع السياسيين التقدميين الذين يبحثون عن طريقة لإعادة الاتصال مع الناخبين الذين همشوهم.

من المؤكد أن هؤلاء الذين لديهم توقعات ليبرالية خاصة يجب أن يقرأوا الكتابة الموجودة على جدار ترامب، والتي تقول إن لكل دولة الحق في السيطرة على حدودها وأن يلحوا على أن تكون هناك معايير واضحة للحصول على الجنسية، بما في ذلك الحصول على اللغة والتعرف على القوانين وقبول قيم ومعايير البلد المضيف.

رئيس الوزراء الكندي جاستن ترودو على حق بقوله إن التنوع الذي يأتي مع المهاجرين يعتبر قوة رئيسية من أجل المجتمع، ويرتبط هذا بالإبداع والابتكار والأمن أيضاً، ومع ذلك، وعلى غرار ما قد يشير إليه بول ماي، فإن سياسات الهجرة في كندا تعتمد بشكل أساسي على المهارات والاحتياجات الاقتصادية للمجتمع الكندي.

ولا تعتمد معظمها على العائلة كما هي الحال في الولايات المتحدة وكثير من دول أوروبا.

في الولايات المتحدة يتم قبول حوالي ثلثي المقيمين الدائمين للم شملهم مع أفراد العائلة، وتم قبول أقل من 20% من الناس بسبب مهاراتهم المهنية، وفي كندا فالأمر عكس ذلك تقريباً، فهناك أكثر من 60% من المقيمين الدائمين الذين يتم قبولهم بحسب طبقتهم الاجتماعية، ويتم قبول ربعهم فقط بسبب لم شمل الأسرة.

يجادل بوب دان، المدير التنفيذي لاتحاد إصلاح الهجرة الأميركية بأن الولايات المتحدة تحتاج إلى مزيد من سياسات الهجرة التي تستند على الجدارة، ربما مثل كندا، وذلك بحسب ما ذكر أوباما. وقال «نظام هجرتنا الحالي فاشل في خدمة أي مصالح وطنية أو عامة محددة».

وفي حال تقيدنا بالمثال الكندي على سبيل المثال، فليس من السهل على دولة مثل الولايات المتحدة فعل ذلك، وعلى النقيض من كندا، فإن الولايات المتحدة لديها طلب كبير على العمال من ذوي الأجور المنخفضة، وتتشارك الحدود الطويلة مع الدولة الفقيرة إلى حد كبير، والتي يتعطش عمالها لعبور الحدود والعمل في أميركا.

مع ذلك، فإن التحرك باتجاه مثل هذا النظام من شأنه أن يختصر الطريق نحو استعادة الشعور بفقدان السيطرة على الحدود الأميركية، وإضعاف الزخم خلف جاذبية الجدار.

وعزز جيري نيكلسبورغ نقطته الرئيسية بشأن الحاجة الهيكلية في الاقتصاد الأميركي من أجل العاملين بأجور منخفضة، لا سيما في مجال الزراعة. وفي مقال بعنوان «إذا أردت أن يكون لديك مزارع فراولة للأبد فإنك تحتاج إلى عمال مهاجرين»، وقدم نيكلسبورغ بديلاً لمأزق الهجرة الحالي.

«ويتمثل أحد الخيارات في تحسين وضع عمال المزارع غير الموثقين. وذلك ربما من خلال نسخ جديدة من قانون براسيرو الذي طبق بين عامي 1942 و1964، وسمح لمزارعي الولايات المتحدة بأن يعيدوا تعيين مزارعين دائمين من المكسيك».

قد يكون لهذا تأثيرات جانبية تعنى بالتقليل من المعابر غير القانونية. وبالتالي فقد لا تحسن المزارع الأميركية من الوظائف وصولاً إلى المهاجرين الجدد غير الموثقين. وسيسمح هذا للمهاجرين الجدد من غير الحاملين للوثائق اللازمة بالفعل بالخروج من الظلال. ومن بين آخرين، فإن الرئيس المكسيكي السابق إرنستو زيديلو جادل من أجل اتخاذ مسار مماثل. ويجادل إدوارد ليمر قائلاً إن «الأجانب» يأخذون وظائف الأميركيين. ولكن هؤلاء الأجانب هم روبوتات قانونية، وليسوا مهاجرين غير شرعيين.

وحذر المؤرخ كالدر والتون من جامعة «هارفارد» من خطورة جنون العظمة والقادة الذين يؤمنون بنظريات المؤامرة، سواء أكان جوزيف ستالين أم دونالد ترامب، بالإضافة إلى اتخاذ القرارات بالاستناد إلى الاستخبارات العامة.