مع قدوم رمضان المبارك شهدت خيام التضامن مع الأسرى بالضفة الغربية المحتلة احتفالات بعد الإعلان عن التوصل إلى اتفاق وتفاهمات مع مصلحة السجون الإسرائيلية لتحقيق مطالب أسرى الفلسطينيين المتمثلة بالحقوق الإنسانية التي كفلتها الاتفاقيات والمواثيق الدولية.

لم يكن التوصل إلى الاتفاق مع الإسرائيليين اتفاقاً سهلاً بموجبه عَلّق الأسرى الفلسطينيون إضرابهم المفتوح عن الطعام الذي استمر41 يوما.

إذ كان وزير الأمن الداخلي الإسرائيلي أعلن أن مصلحة السجون لن تجري مفاوضات مع الأسرى المضربين عن الطعام، ولن تتم الاستجابة لمطالبهم، وصعّدت سلطات الاحتلال إجراءاتها القمعية بحقهم ولم تكترث بأوضاعهم الصحية التي تدهورت إلى درجة باتت تشكل خطرا حقيقيا على حياتهم.

جرت المفاوضات في سجن عسقلان، الذي كان قد شهد قبل نحو أربعين عاماً أطول إضراب جماعي خاضه الأسرى الفلسطينيون الذي استمر لمدة 45 يومًا، وفيه استجابت مصلحة السجون الإسرائيلية آنذاك لمطالبهم بتحسين ظروف المعيشة في السجون الإسرائيلية.

من بين هذه المطالب ترتيب زيارات ذوي أسرى، وإعادة إمكانية الدراسة في الجامعة المفتوحة، والسماح للأسرى بإعداد الطعام، والعلاج الطبي، وإدخال الكتب والمجلات والصحف وتوفير قنوات تلفزيونية للأسرى وتركيب هاتف عمومي للتواصل مع ذويهم.

لذا حينما تتفاوض مصلحة السجون الإسرائيلية مع قيادات الأسرى وتعلن في نهاية المفاوضات عن مضاعفة عدد الزيارات للأسرى من زيارة واحدة إلى زيارتين وأنه سيتم الإعلان عن بنود الاتفاق في وقت لاحق، فإن مثل هذا الإعلان يمثل كسراً للإرادة الإسرائيلية وانتصاراً للبطون الخاوية.

وشهدت الأراضي الفلسطينية المحتلة خلال فترة الإضراب حركة تضامن واعتصامات واسعة في الضفة الغربية وداخل الخط الأخضر بمشاركة ذوي الأسرى والناشطين والأسرى المحررين والسياسيين، وللأسف لم تشهد الساحات العربية أي مواقف شعبية داعمة لإضراب الأسرى الفلسطينيين.

ومهما كان الدور الذي لعبه مبعوث الرئيس الأميركي للشرق الأوسط، جيسون غرينبلات، في مباحثاته مع الحكومة الإسرائيلية والسلطة الفلسطينية بشأن قضية الأسرى المضربين عن الطعام في سجون الاحتلال، بالتدخل بما يضمن تحقيق مطالبهم الإنسانية، فإن انشغاله في موضوع الأسرى يمثل مدى تأثير إضرابهم في المجال الدولي.

في معركة البطون الخاوية يمكننا أن نلاحظ خلال تجربة الأسرى أن الصمود الذي أبداه أسرى في معركة البطون الخاوية أجبر الكيان الصهيوني على التفاوض على مطالب الأسرى بعد إعلانها عن رفض التفاوض معهم.

إن رضوخ الكيان الإسرائيلي للتفاوض كان خشية حدوث مضاعفات للأسرى بوفاة بعضهم مما قد يشعل الشارع الفلسطيني ويقود إلى التصعيد الشعبي في مواجهة الاحتلال الإسرائيلي، وإذا كان هناك دور للمبعوث الأميركي في تعامل الإسرائيليين مع حركة الإضراب فهو مؤشر هام للدور الدولي وتأثير الذي حققه هذا الإضراب وجعل قضيتهم مسموعة دوليا.

إن الذي تم إعلانه هو تعليق الإضراب وليس إنهاؤه مما يعني أن القضية التي بدأ فيها أسرى لم تنته بعد وهي مرهونة بتحقيق مطالبهم الأخرى التي لم يتم الاستجابة لها وهي ما زالت موضع تفاوض.

لقد حرص الفلسطيني - حتى وهو في السجن- على التعليم والثقافة والحصول على المعلومات وتمثل ذلك في مطالبات الأسرى بحقهم في الدراسة في الجامعة المفتوحة، وإدخال الكتب والمجلات والصحف وتوفير القنوات التلفزيونية.

إن صمود 1800 أسير ببطون خاوية لمدة 41 يوما لا يشكل تحديا للكيان الصهيوني فحسب ولكنه يمثل إرادة الصمود والتحدي والدفاع عن الكرامة العربية.