اعتقد الكثير من الناس وخاصة أولئك الذين يتابعون الشؤون الخليجية أن مهمة الحد من نفوذ (الإخوان المسلمين) في هذه المنطقة قد انتهت بعدما اتضح مخططهم الهادف إلى إقامة دويلة تكون كالرمح في صدر كل من يبحث عن الاستقرار وإكمال المشاريع المختلفة لخدمة قطاعات كبيرة من سكان هذه الدولة سواء من المواطنين أو غيرهم، ممن لا يطيقون الخروج من الدولة حتى يعودوا إليها مسرعين، فهي الأمن والاستقرار ووجود كل ما يحتاجه الإنسان مادياً ومعنوياً.

ولعل من أساليب من لا يستطيع أن يواكب غيره من الناجحين الذين يفنون معظم وقتهم لخدمة مواطنيهم وبلدانهم، هو استخدام العديد من الوسائل الرخيصة وربما الغالية مالياً، لبث صور غير حقيقية اعتقاداً منهم أن ذلك قد تأخذه بعض الفئات، ولا يدركون أنه لا يمكن إخفاء أشعة الشمس أو نور القمر بتلك الوسائل، فهم كالغربال.

نتذكر هذه الأيام ذلك القائد العظيم الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان باني الدولة وإخوانه الحكام وجعلهم نموذجاً في أن المال يمكن وبالإرادة الصادقة أن ينشر الأمن والاستقرار والسلام، فقد مدوا أيديهم لكل المحتاجين في العالم، سواءً العرب، أو المسلمين أو غيرهم، والعديد من المشاريع في الخارج تحمل اسم زايد والإمارات وتؤكد على أن العطاء سمة هذا البلد.

ومن المؤكد أن أحفاد أولئك القادة قد تعلموا منهم أن العطاء والعمل هو الجوهرة التي لا يمكن أن تخدش فهي صامدة للأبد، ومن المبادئ الأساسية في كيانهم العطاء بدون مقابل..

وأن العديد من جيلنا ممن تشرفوا بلقاء المرحوم بإذن الله تعالى الوالد الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان، حينما التقى بأساتذة جامعة الإمارات العربية المتحدة في منطقة الخزنة في مدينة العين، وذلك في العقد الثامن من القرن العشرين، ومن بعد ذلك صاحب السمو الشيخ خليفة بن زايد آل نهيان رئيس الدولة، حفظه الله، ولا أنسى تلك المناسبة حينما تسلمت من سموه درع الشخصية الثقافية في العام 2013، مع مجموعة من المكرمين، كانت تلك اللفتة الكريمة تأكيداً على دور المتعلمين والمثقفين في خدمة الدولة في جامعة الإمارات العربية المتحدة، وهي أيضاً لفتة كريمة من صاحب السمو الشيخ محمد بن زايد آل نهيان، حين ذاك.

وها هي قطر من جديد تعود لأساليبها القديمة، وتريد أن تقف عجلة التنمية والبناء والازدهار في مجتمعاتنا الخليجية العربية، وتنسى أنها لا تستطيع أن تتحكم بمصير من حولها، كم هو مظلوم شعب قطر مع نظامه الذي يبدد ثرواته في دعم وتمويل الإرهاب، بينما هذا الشعب الشقيق يتطلع لجيرانه وأشقائه في دول مجلس التعاون الخليجي وهم ينعمون بثروات وخيرات بلادهم المكرسة للتعليم والبناء والتنمية والمستقبل، الآن تبدو قطر في أزمتها الحالية وكأن لسان حالها يقول «أنا ومن بعدي الطوفان»، وهي لا تعلم أن طوفان الإرهاب الذي تطعمه سيفترسها آجلاً أو عاجلاً.

يذكرنا التاريخ أن وحدة دول مجلس التعاون الخليجي هي الحامية لهم من كل الطموحات سواء من الجارة إيران أو غيرهم، وقد كان درس العراق من قبل واحتلال الكويت نموذجاً واضحاً لذلك، ولعل الأوضاع في اليمن درس لمن يريد أن يتعلم، فالدولة الفارسية لها حلم في إمبراطورية، ومن منا لم يتذكر أن العراق كانت الدرع الواقي إلى أن جاء الغزاة الجدد، وزرعوا الطائفية وهي الطوفان الجديد على الجميع. فهل تحتاج الشعوب إلى مائة عام أخرى ليسود السلام والوفاق بين الجميع، ويتعلموا أن الدين لله، وأن الوطن للجميع.