عندما ننظر إلى التحديات التي تواجه المجتمعات اليوم، فإن الوقت ليس مناسباً لكي يصبح العالم معزولاً ومتقوقعاً على نفسه. ب
دلاً من ذلك، يجب أن نعمل سوياً كوننا مجتمعاً دولياً للتشجيع والاحتفاء بأولئك الذين هم على استعداد للتخلي عن واحدة من أثمن السلع في الحياة ألا وهي الوقت، وذلك بهدف دعم المحتاجين. هذه هي الغاية من «اليوم الدولي للمتطوعين» 2017، الذي يأتي هذا العام تحت شعار: «قانون المتطوعين أولاً. هنا. وفي كل مكان». يسعى«اليوم الدولي للمتطوعين»، الذي يحتفل به في الخامس من ديسمبر من كل عام، إلى إلهام وتمكين الآخرين للعطاء، ومساعدة أولئك الذين يحتاجون إلى الدعم اليوم لكي يعيشوا بكرامة غداً.
كوننا منظمة إنسانية عالمية، نستلهم دائماً من التزام وتفاني وشغف المتطوعين الذين يستجيبون على الفور إلى النداءات التطوعية سواء كانت محلية أو عالمية. كما نشجع الجميع على إيجاد قضية يؤمنون بها ويستثمرون وقتهم وطاقتهم لدعم المحتاجين. وفي دولة الإمارات العربية المتحدة، شهدت دبي العطاء بشكل مباشر مدى تأثير العمل التطوعي في مجال توفير التعليم للمجتمعات المحرومة. ومن الأمثلة على ذلك، مبادرة «التطوع في الإمارات»، وهي مبادرة أطلقتها دبي العطاء، بهدف إشراك المتطوعين لإثراء البيئة التعليمية للطلاب في جميع أنحاء الدولة، وذلك من خلال تجديد المدارس وتوزيع المستلزمات المدرسية على المدارس والمراكز غير الربحية.
إن الشمولية والمساواة في توفير فرص التعليم أمران أساسيان للمبادرة، ليس فقط من ناحية ما نأمل في إنجازه حال توفرت الفرص، بل أيضاً من ناحية الأسلوب المتبع لتحقيق ذلك. نحن نقدم فرصاً تطوعية لآلاف الأشخاص في دولة الإمارات العربية المتحدة للعمل من أجل هذا السبب بالذات، ومن دون دعم متطوعينا، فإن التغيير الإيجابي الذي نشهده اليوم لن يكون ممكناً.
أما خارج نطاق الدولة، ومن خلال مبادرة «التطوع حول العالم»، قمنا بإشراك متطوعين من الإمارات العربية المتحدة في بناء المدارس في المجتمعات النائية في البلدان النامية. وعلاوة على ذلك، تم بناء عشرات المدارس حول العالم من قبل متطوعي ومانحي دبي العطاء، وذلك من خلال مبادرة «تبنى مدرسة». ومن الرائع دائماً أن نشهد استجابة المتطوعين السريعة والغير أنانية حين تُقدَم لهم الفرصة للمشاركة في مثل مهمات مماثلة. وبفضل دعمهم القيِّم، استطعنا توفير بيئة تعليمية آمنة للطلاب ليتمكنوا من الازدهار وبناء مستقبل أفضل لأنفسهم وأسرهم ومجتمعهم.
دبي العطاء ليست المؤسسة الوحيدة التي تعمل على تحقيق هدف «اليوم الدولي للمتطوعين»، فقد أطلقت حكومة الإمارات العربية المتحدة على سبيل المثال منصة متطوعين «إمارات»، والتي تهدف إلى تنمية مجتمع المتطوعين من خلال مطابقة مهارات الفرد مع الفرص المرتبطة بمهاراتهم. وحتى الآن، انضم أكثر من 280,000 متطوع للمنصة، وأنا واحد منهم.
وعلاوة على ذلك، أطلقت هيئة تنمية المجتمع بدبي مؤخراً برنامج دبي للتطوع بهدف إدارة المبادرات التطوعية في الدولة، ويقوم البرنامج بتبني المبادرات والفعاليات التطوعية من هيئات وجمعيات مختلفة وربطها بالمتطوعين الراغبين بالمشاركة في أعمالها، ما يعزز روح التلاحم بين جميع فئات المجتمع. ويوفر برنامج دبي للتطوع، الذي يحمل شعار «بتطوعي تفتخر الإمارات»، للراغبين بالعمل التطوعي فرصة التسجيل والعمل في خدمة المجتمع ويسهم بشكل فعّال في نشر ثقافة التطوع في مجتمع الإمارات. ويدعو البرنامج الرجال والنساء والأكاديميين والمحترفين وذوي الخبرة للمساهمة بوقتهم وجهدهم في تحسين حياة الناس ودعم المجتمع ومؤسساته والاستمتاع بشعور غامر من الرضا والسعادة عبر المساهمة في دعم المجتمع.
وقد شهدنا كيف يتماشى التعليم والتطوع معاً لسنوات عديدة، كما شهدنا في دبي العطاء، أنه عندما نكرس وقتنا لمساعدة الآخرين، فإن المعرفة هي واحدة من أكثر الأدوات تمكيناً التي يمكن أن نُقدمها. هذا وقد أصبحت قوة التعليم وأثره على حياة المحرومين وأولئك الذين تضررت حياتهم من جراء الصراعات أو الكوارث الطبيعية، معرفة مشتركة الآن، وغالباً ما يرى المتضررون أن التعليم هو أملهم الوحيد.
هذا هو هدف دبي العطاء المتمثل في توفير التعليم للذين هم بأمس الحاجة إليه، وبمناسبة اليوم الدولي للمتطوعين 2017، أحث المجتمع الإماراتي على التفكير في دوره من أجل دعم المحتاجين.
وعندما نقرر الخوض في رحلة التطوع هذه، يجب أن نبدأ بتحديد القضايا التي تهمنا، والتي نرغب في دعمها. عقب ذلك نبدأ بتحديد الفرص المحلية التي يمكننا تقديم يد العون لها، وفي وقت لاحق، إذا اخترنا القيام بذلك، نبدأ في البحث خارج مجتمعنا لنصل إلى المجتمع العالمي بشكل أوسع.
لا يوفر العمل التطوعي للناس فرصة الشعور بأنهم حققوا شيئاً ذا معنى كبير فحسب، بل يمنحهم الفرصة للنظر أبعد من ظروفهم، والشعور بما يعيشه الآخرون. أنا واثق بأن أولئك الذين يتطوعون بشكل مستمر هم أكثر صحة وأكثر سعادة ولديهم شعور أكبر بالإنجاز الشخصي. وبالتالي، فإن الفرق الذي سنحدثه في حياة شخص آخر سيحدث فارقاً أكبر في حياتنا.