تقليد جديد أدخله الرئيس عبد الفتاح السيسي على العملية السياسية، عندما قام بتقديم «كشف الحساب» الخاص بفترته الرئاسية التي تنتهي في شهر يونيو المقبل. كان التقليد في ما سبق مختلفاً، ولا يزيد على قوائم من «الإنجازات»، في ظل انتخابات غير تنافسية، تقوم على الاستفتاء بنعم أو لا، على اسم واحد في القائمة.
وحتى عندما جرت أول انتخابات تنافسية بعد التعديلات الدستورية في عام ٢٠٠٥، فإنه لم يقدر للرئيس مبارك الترشّح لفترة ثانية، حتى نرى الكيفية التي سيقوم بها بتقديم نفسه لفترة تالية، كانت ستكون السابعة.
هذا التقليد الجديد، يحدث في ظل عملية سياسية لا يستند فيها الرئيس إلى حزب «قائد»، وفي إطار رؤية للدولة، تقوم على أساس وثيقة «مصر ٢٠٣٠» التنموية، ومن ثم، فإن وسيلته هي الخطاب المباشر للرأي العام، وهو ما فعله في مؤتمر «حكاية شعب».
كشف الحساب من ناحية أخرى، يخلق قاعدة واسعة للحوار، ليس فقط بين المؤيدين للرئيس السيسي، وإنما أيضاً للمنافسين له، الذين يقع على كاهلهم تقييم ما حققه الرئيس، وتقديم البدائل إذا كانت متاحة.
والنتيجة التي نصل إليها من كشف حساب الرئيس، يمكن رصدها في تسعة من الأخبار المعبرة عن حصاد العمل الاقتصادي خلال السنوات الأربع الماضية، ونقلناها عن نشرة «إنتربريز»، أما الحصاد السياسي، فربما يحتاج مقالاً آخر:
١ـ قيمة الأصول المصرية في البورصة الآن في مطلع عام ٢٠١٨، تعدت مستوياتها التي كانت سابقة على ما كانت عليه قبل تعويم الجنيه المصري، وبمعدلات أكبر من أي سوق أخرى في الشرق الأوسط خلال عام ٢٠١٧.
٢ـ تستطيع مصر الآن أن تصبح مصدراً للطاقة، وأن «تبني على دورها الحالي، كواحدة من أهم المراكز التجارية في المنطقة، التي تقع بشكل مثالي بين الأسواق الشرقية والغربية»، كما كتب نيك بتلر في صحيفة فايناشيال تايمز اللندنية. وكتب أيضاً أن «فرصة مصر، هي أنها تجد نفسها على مفترق الطرق لتجارة الغاز الطبيعي في التجارة الدولية».
ويؤكد بتلر على أن دور مصر سوف يكون حيوياً في أي تطور رئيس في هذا الموضوع، خاصة أن «الشرق الأوسط لم يكن أبداً بسيطاً، وسوف يكون فيه الكثير من الخروج على القواعد التجارية المتعارف عليها. ولكن إذا كان لمنطقة شرق البحر المتوسط أن تنشأ، فإن مصر كمركز للتجارة الإقليمية الجديدة، يبدو أنه لا يمكن الاستغناء عنه».
٣ـ خلال عام ٢٠١٧، فإن صادرات مصر غير البترولية ارتفعت بنسبة ١٢ ٪ إلى ٢٠ مليار دولار، طبقاً لتقرير أصدرته هيئة الصادرات والواردات التابعة لوزارة التجارة والصناعة.
وحققت الصادرات الكيماوية والأسمدة، القدر الأكبر من الزيادة، خلال اثني عشر شهراً الماضية، حيث نمت بنسبة ٣٢ ٪ إلى ٤.٤ مليارات دولار، وبعدها صادرات صناعة الملابس الجاهزة، وزادت بنسبة ١٣ ٪، وتلاها الصادرات الهندسية والإلكترونية بنسبة ١١ ٪.
٤ـ شركة الطيران الروسية «إيروفلوت»، سوف تبدأ العمل في رحلتين أسبوعياً من موسكو للقاهرة، اعتباراً من ٣ فبراير المقبل، خلال يومي الأربعاء والسبت، بينما ستقوم شركة مصر للطيران، بثلاث رحلات أسبوعية في أيام الأحد والثلاثاء والخميس. وبدأت هذا الخطوات، بعد توقيع مصر وروسيا على بروتوكول الأمن الجوي المدني، وبالنسبة لطيران الشارتر، فإن استئنافه سوف يتقرر في اجتماع يعقد في ١٢ أبريل المقبل.
٥ـ وقّع الرئيس عبد الفتاح السيسي على قانون التأمين الصحي الشامل، وطبقاً له، فإن الحكومة سوف تقدم ٦٠٠ مليار جنيه، تعبيراً عن السياسة الاجتماعية للوزارة، بينما سوف يدفع أصحاب الأعمال ما يقابل ٤ ٪ من أجر العامل شهرياً، أما العامل نفسه فسوف يدفع ١ ٪ من أجره الشهري. وسوف تفرض الحكومة، ضريبة على مبيعات كل شركة تعمل في مصر، تسهم بها في التأمين الصحي.
٦ـ أعلنت الحكومة عن إنشاء مدينة للصناعات النسجية، هي الأكبر في مصر، ومساحتها ٣.١ كيلومترات مربعة، ومن المتوقع أن تكون تكلفة المشروع ٢ مليار دولار، سوف تحتوي على ٥٦٨ مصنعاً، ٨٧ ٪ منها ستقوم على الاستثمار الأجنبي.
ومن المتوقع أن يولد المشروع سنوياً ٩ مليارات دولار، بعد أن يعمل بكامل طاقته عام ٢٠٢٠. وأعلن الرئيس عبد الفتاح السيسي، أن الدولة على استعداد للمساهمة في المشروع بنسبة ٥٠ ٪.
٧ـ أعلنت وزارة التعليم العالي، أنها تبحث في جذب ٣٥ مليار جنيه من الاستثمارات، لتمويل إنشاء جامعات خاصة وعامة. والهدف من هذه الخطوة، تلبية الطلب على الجامعات، حيث إنه من المتوقع أن يصل إلى ٤.٢ مليونات في عام ٢٠٣٠، مقارنة بعدد ٣ ملايين حالياً. ومن المعلوم أن الحكومة فتحت الباب لكي تفتح الجامعات الأجنبية فروعاً لها في مصر.
٨ـ أعلنت شركة «فيتش» للتقديرات الاقتصادية، أنها أعادت تقييم الاقتصاد المصري، لكي يكون «إيجابياً» بدلاً من «مستقر»، وبالتأكيد على المرتبة (B). وذكرت «فيتش» أن مؤشرات الاستقرار الكلية في مصر آخذة في التحسن، بعد أن كانت في حالة هشة. ومن المتوقع أن يستمر هذا التحسن، مع تراجع العجز الحكومي في العام المالي ٢٠١٨/٢٠١٩.
٩ـ وفي الوقت ذاته، فإن شركة «موديز» للتقديرات الاقتصادية، تنبأت بأن معدل النمو للناتج المحلي الإجمالي المصري، سوف يتسارع إلى ٥ ٪ في العام المالي ٢٠١٩، وإلى ٥.٥ ٪ في ٢٠٢١، فيما يعد الأقوى في إقليم الشام وشمال أفريقيا.
وأرجعت الشركة هذا النمو، إلى الإصلاحات الهيكلية التي دفعت الاقتصاد من نموذج النمو القائم على المستهلك، إلى اقتصاد أكثر تنوعاً، بعد أن أدى تعويم الجنيه إلى زيادة التنافسية المصرية. ومع بدء حقل «ظهر» للغاز الطبيعي في الإنتاج، فإن ذلك سوف يساعد على التحسن الهيكلي في عجز الحساب الجاري، لكي يكون ٣ ٪ في عام ٢٠٢١، بدلاً من ٦.٨ ٪ في عام ٢٠١٧.