قد يكون هناك خطر من الإفراط في ترجمة جملة واحدة في اللغة الثانية لإحدى الشخصيات السياسية، غير أن كلمات الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون لأندرو مار في مقابلة بثتها محطة البي بي سي البريطانية أخيرا، بدت ذات مغزى.

وقال ماكرون في مقابلته:«لا يمكنك حسب التعريف الولوج إلى سوق واحد إذا لم تضع علامة في المربع». ولكن ليس هذا بيت القصيد، على الرغم من أن ذلك يجلب جميع المتحذلقين الذين ينتشرون كالطفح الجلدي. ونطالب بمعرفة ما إذا كان الرئيس الفرنسي يدرك الفرق بين الولوج إلى سوق واحد، على الرغم من أن كوريا الشمالية التي تعاني من حظر اقتصادي محكم، تستطيع الولوج إلى سوق واحد بسهولة، وهي عضوة فيه.

وكان ماكرون يقصد الحصول على عضوية كاملة لسوق واحد، ومضى قدما لوضع المربعات التي تحتاج إلى ثقب، وتشمل: المساهمات في الميزانية، الحريات الأربع (بما فيها حرية الحركة للناس) والولاية القضائية للمحكمة الأوروبية.

والجملة المهمة كانت التالية:«في حال قررت بريطانيا عدم قبول هذه الشروط المسبقة فلن يكون لها حق الولوج الكامل للسوق المفرد. لذلك فهذا شيء ربما يقع بين الولوج الكامل واتفاقية التجارة».

وتمثل موقف الاتحاد الأوروبي في السابق في أن بريطانيا يمكن أن تكون إما على شاكلة النرويج في سوق واحد، ولكن بعيدا عن صنع القرار في الاتحاد الأوروبي، أو على شاكلة كندا، أي خارج السوق المفردة، أو بلد ثالث بدون أي امتيازات. وتجادل رئيسة الوزراء البريطاني تيريزا ماي أنه يمكن أن يكون لدينا عضوية خاصة وعميقة في الاتحاد الأوروبي بين طرفي النقيض المذكورين لأننا سنبدأ من خلال التماشي مع سوق واحد.

وسئل ماكرون عما إذا كان هناك حل مفصل لبريطانيا في هذا الشأن، فأجاب بالتأكيد.

وبالطبع قد يكون هذا أمرا مبالغا فيه أو لا، فقد أكد ماكرون أنه سيكون هناك ثمن يتعين على بريطانيا دفعه مقابل أية صفقة. وكان قد قال في مؤتمر صحافي مع ماي أخيرا، بأن السوق المفرد يتعين الحفاظ عليه. أضاف:«لا يمكن أن يكون هناك عمليات ولوج متباينة للسوق المفرد الذي تشكل خدماته المالية جزءا منه.»

لذلك ربما يكون كل ما كان يفعله ماكرون هو أن يظهر أدبه لمضيفته رئيسة الوزراء البريطانية قبل أن يتبنى خطاً متصلباً في المرحلة التالية من المحادثات، فيما تحاول باريس الاستيلاء على جزء من أعمال لندن. غير أن كلماته تقترح الرغبة بإجراء مفاوضات، وهذا كل ما تحتاجه ماي. ومع بدء محادثات البريكست، فإننا نتجه إلى منطقة هبوط تقع في مكان ما بين كندا والنرويج.

لا أعرف عضوا واحدا من المحافظين يدرك أن بإمكان الحكومة البريطانية تحقيق ما تصبو إليه. والمشكلة أن المرة الوحيدة التي تم إقناع ماي فيها بعدم التردد في قراراتها، وأن تدعو إلى الانتخابات، فإنه نجم عن ذلك فشلها في تحقيق نتائج جيدة. ولكن إذا استطاعت تحقيق نتائج متوسطة في بريكست، في مقابل النتائج الكارثية، فإنها تكون بذلت ما في وسعها بحسب ما ترشدها أفكارها النيرة.

وفي الوقت الذي يبدو فيه إنجاز أي شيء حكومي في غاية الصعوبة، بدءا من إيقاف نشاط الحكومة الأميركية، وانتهاء بالمشكلات العميقة المتعلقة بالإسكان وتمويل مؤسسة الصحة البريطانية، فإن تحقيق خروج بريطاني من الاتحاد الأوروبي (بريكست) بصورة غير كارثية هو أفضل الحلول التي نتمناها.