منذ خمسين عاماً، كان حوالي ربع شباب العالم يفتقرون إلى المهارات الأساسية في معرفة القراءة والكتابة مقارنة بأقل من 10% في عام 2016.

هذا وقد أصبح الشباب في آسيا وأفريقيا على وجه الخصوص أكثر إلماماً بالقراءة والكتابة اليوم مما كانوا عليه عند نهاية الحرب العالمية الثانية. وفي الوقت الذي يتم فيه إحراز تقدم كبير، إلا أنه لا يزال 750 مليون بالغ و115 مليون شاب - ثلثهم من النساء أميين.

ويواجه ما يقدر بـ 263 مليون طفل في سن الدراسة الابتدائية في جميع أنحاء العالم «الإقصاء الصامت» مما يعني أنهم إما خارج المدرسة أو ملتحقون بالمدارس ولكنهم لا يتعلمون بشكل كافٍ. ووفقاً لمعهد اليونسكو للإحصاء، أغفلت غالبية البلدان هدف «التعليم للجميع» المتمثل في وضع حدّ للأمية بين البالغين عند نسبة 50% بين عامي 2000 و2015. لذلك، ما زال يتعين علينا القيام بتكثيف الجهود في هذا المجال.

إن غياب المهارات الأساسية لمعرفة القراءة والكتابة والحساب يُشكل عائقاً كبيراً أمام الأفراد في حياتهم اليومية. كما أن الأمور التي نأخذها كأمر مسلم به مثل قراءة وصفة طبية، وملء استمارة، وإرسال رسالة نصية تعتبر تحدياً للأميين، وغالباً ما تشكل عائقاً أمامهم للحصول على الخدمات وممارسة حقوقهم الأساسية.

ولا عجب أن تَدرج الأمم المتحدة «ضمان تحقيق جميع الشباب ونسبة كبيرة من البالغين، رجالاً ونساء، معرفة القراءة والكتابة والحساب» كهدف من أهدافها للتنمية المستدامة بحلول عام 2030.

تعد مهارات معرفة القراءة والكتابة ضرورية لتسهيل أمورنا الحياتية بالشكل المطلوب، واتخاذ قرارات واعية، وتمكين الأفراد، والمشاركة الفعّالة في المجتمعات المحلية والعالمية، بالإضافة إلى دورها في تخفيف حدة الفقر وتحسين نوعية الحياة. كما تساعد محو الأمية على تحقيق المساواة بين الجنسين، وتشجيع زيادة المشاركة السياسية والتنمية المستدامة، وتحقيق فوائد اجتماعية وثقافية هائلة.

يسلط موضوع هذا العام لليوم العالمي لمحو الأمية الذي يدور حول «محو الأمية وتنمية المهارات» الضوء على التكامل بين محو الأمية والمهارات المهنية والتقنية من خلال نظام التعليم والعمل. ونتيجة لعدم المساواة في نظام التعليم العالمي، شهدت العديد من البلدان النامية مستويات متزايدة من البطالة بين صفوف الشباب.

حيث يُعزى ذلك إلى نقص كبير في المهارات المطلوبة في سوق العمل التقدمي الحالي. ولذلك، عندما تركز البلدان على محو الأمية بين الشباب والبالغين، يجب تحديد الروابط الفعّالة بين محو الأمية والمهارات. وينبغي أن يكون شباب اليوم مجهزين بالمهارات والكفاءات الكافية - على مستويات المدارس التي من شأنها تحقيق انتقال سلس نحو عالم العمل.

علاوة على ذلك، يجب أن ينتقل التركيز من مجرد محو الأمية إلى توفير المهارات المهنية التي تساعد الفرد على امتلاك مجموعة متنوعة من الكفاءات المناسبة للتطوير على مدى الحياة.

وقد أدى ظهور استخدام التقنيات الرقمية على نحو واسع إلى زيادة الفجوة في محو الأمية بين البلدان المتقدمة والبلدان النّامية. وبالتالي، فإن هذا يتطلب منّا وضع استراتيجية جديدة لجعل المهارات المهنية والتكنولوجية، بما في ذلك تدريس مهارات القراءة والكتابة الرقمية، ضمن أجندة محو الأمية.

ونتيجة لذلك، فإن البلدان التي نفذت هذه الاستراتيجية تتمتع بتقييمات عالية لمقاييس التعليم والمهارات من خلال مجموعات عمرية متنوعة، وذلك وفقاً لتقرير الرأسمال البشري الصادر عن المنتدى الاقتصادي العالمي.

وتعتبر فنلندا مثالاً يُحتذى به من حيث جودة التعليم واليد العاملة الماهرة كأحد أفضل البلدان في العالم، تليها النرويج وسويسرا. في منطقتنا، تحتل دولة الإمارات العربية المتحدة الصدارة، حيث سجلت معدلات عالية في معرفة القراءة والكتابة بين الذكور والإناث، وهو إنجاز رائع خلال فترة زمنية قصيرة.

وتستثمر البلدان ذات النتائج العالية المماثلة بشكل كبير في مجالات التدريب اللغوي، والمشاركة في مشاريع القراءة على مستوى البلاد، وتوفير التدريب مع أحدث البنية التحتية التقنية على جميع المستويات التعليمية الأساسية والثانوية. بالإضافة إلى ذلك، يتم تنظيم برامج تدريب مكثفة للمدرسين على أساس منتظم بهدف تعزيز مستوى مهاراتهم، حيث تنعكس خبراتهم على تحقيق معدلات عالية لمحو الأمية بين الطلبة.

وبصفتنا إحدى المؤسسات الإنسانية العالمية، نؤكد التزامنا بأداء دور نشط في دعم برامج محو الأمية والاستمرار في تقديم مساهمات قيّمة لتحقيق الهدف الرابع من أهداف التنمية المستدامة الذي يهدف إلى ضمان التعليم الشامل والسليم للجميع وتشجيع التعلم مدى الحياة بحلول عام 2030.

وهذا يتحقق من خلال دعم برامج التعليم في تنمية الطفولة المبكرة، وتوفير التعليم الأساسي والثانوي السليم، وإتاحة الفرصة أمام الشباب للاستفادة من برامج التعليم والتدريب التقني والمهني، إلى جانب التركيز بشكل خاص على التعليم في حالات الطوارئ والأزمات الممتدة.

* الرئيس التنفيذي لدبي العطاء