بعد استئذان الأمير عبد الرحمن بن مساعد آل سعود لاستعارة تعليقه على مقابلة ولي العهد الأمير محمد بن سلمان مع صحيفة بلومبيرغ لتكون عنواناً لهذه المقالة، فلقد جاء في المقالة مضامين مهمة تعيد القوارض القطرية والإيرانية وغيرها من المملوءة حقداً وبُغضاً إلى جحورها، فالأسوار السعودية عالية علواً كبيراً من أن تستطيع تلك القوارض أن تقفز عليها، وإن كان الأمير محمد بن سلمان قد أوضح كثيراً من الجوانب سواء ما تتعلق بالسياسة أو الأمن أو الاقتصاد فإن اللافت اهتمام وسائل الإعلام الدولية بالتصريحات واتخاذها (مانشيتات) للصحف العالمية في تأكيد على محورية السعودية والثقل الاستراتيجي الذي تمثله الرياض على كل المستويات.
عمدت قطر إلى خلاياها أو بالأصح ذبابها ليتلقف تصريحات الرئيس الأميركي دونالد ترامب في مهرجاناته الانتخابية ضد السعودية، لم يترك ذلك الذباب مساحة إلا وظهر فيها، ولم تتوقف قناة الجزيرة القطرية في تغطيات متواصلة للانقضاض على السعودية، هذه هي قطر وتلك أدواتها الرديئة التي لم تكن يوماً ذات وزن أو قيمة، فالقيمة تتمثل في توقير واحترام البلاد التي خصها الله تعالى من فوق سماواته السبع بحماية ورعاية الحرمين الشريفين، فهذا شرف لا يضاهى، شرف حظيت به السعودية عن غيرها، ويبقى الاحترام لملوكها وقياداتها من مليار مسلم على هذا الشرف العظيم.
القيادة السعودية عُرفت منذ نشأت أنها لا تدخل في المهاترات ولا تترك مجالاً للاصطياد في مياهها، فمسألتان لا يمكن الاقتراب منهما عند السعوديين السيادة والأمن، لذلك لم يكن تعليق ولي العهد الأمير محمد بن سلمان إلا تذكيراً للرئيس ترامب وللعالم بأن السعودية خاضت معركة شرسة مع الرئيس الأميركي السابق باراك أوباما على مدار ثماني سنوات، تمثلت في أن الولايات المتحدة تخلت عن التزاماتها في الشرق الأوسط ودعمت بشكل صريح جماعات الإسلام السياسي، وتحديداً التنظيم الدولي للإخوان المسلمين.
في سنوات أوباما تغيرت الاستراتيجيات وتبدلت التحالفات وعرفت السعودية الأصدقاء من الأعداء، كانت سنوات صعبة عندما كان العراق يضرب بالطائفية وتهتز الدول العربية برياح ما سمي بالربيع العربي، الذي دعمته إدارة أوباما في تونس وليبيا ومصر واليمن وسوريا التي تركتها في منتصف الطريق، فلم تكن للخطوط الحمراء التي وضعها أوباما من وجود في الواقع، فدفع الشعب السوري الثمن قتلاً وتشريداً وتهجيراً، كانت سنوات أوباما مختلفة باختلاف الطبيعة والمنهجية التي كانت عليها الولايات المتحدة،وتعاملت معها السعودية دون أن تدفع مقابل حمايتها مالاً بل اشترت من مالها سلاحاً، واتخذت قرارات حازمة غيّرت وجه الشرق الأوسط.
دعم ثورة الشعب المصري في الثلاثين من يونيو 2013م كان التحول الاستراتيجي الذي غيّر سياسات الشرق الأوسط ووضع حداً قاطعاً للتجاوزات التي حاولت هتك النسيج الوطني العربي، حماية الأمن القومي العربي كان التزاماً سعودياً بمشاركة إماراتية حددت ملامح السياسة وحجمت من التدخل في سيادة الدول العربية، وعملت على استعادة الأمن الوطني العربي بقدرات ذاتية كانت مخالفة لسياسات البيت الأبيض، مفهوم الأمن الذي تنطلق منه السعودية والإمارات يبدأ بالاستقرار، الذي هو بذاته الضامن لتدفق النفط لأسواق العالم وضمان وجوده بأسعار العرض والطلب لتحصل الشعوب حول العالم على الطاقة التي تبقى السعودية واحدة من أكبر مصدريها.
سياسة التحريض على السعودية لن تؤدي لشيء بمقدار ما ستعزز من اللحمة الوطنية داخل البيت السعودي، فالمسألة ليست قابلة لمساحات يخوض فيها ذباب قطر وإيران، لأنها مسألة مبادئ وثوابت تديرها الرياض عبر قيادتها السياسية بمقدار الواقعية التي تعيشها في ظل انتصاراتها على الإرهاب في اليمن، وتحجيم الدور الإيراني للدرجة التي بات فيها على الإيرانيين أن يراجعوا سياساتهم، التي صنعوها عبر أربعة عقود باتت في هذا التوقيت في أصعب أوقاتها مع سياسة منضبطة لا تقبل المساس بالسيادة والأمن السعودي، لذلك بالفعل على كل المتربصين أن يعودوا إلى جحورهم.
* كاتب يمني