في ذكرى مئوية الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان، مؤسس دولة الإمارات العربية المتحدة، طيب الله ثراه، قال صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم: «إن مئوية زايد هي مئوية وطن، ولد زايد وولد حلم الإمارات معه، واليوم تعيش الإمارات حلم زايد الذي تحقق».
نعم صدقت مقولة الشيخ محمد بن راشد. فهذه المناسبة ليست فقط مئوية حكيم العرب بل هي مئوية وطن وأمة. حلم الإمارات يتحقق وها هم الأبناء يتوارثون استكمال هذا الحلم ومواصلة البناء.
وها هي الاحتفالات بالمئوية تطوف الأمة بأكملها عرفاناً بالجميل لهذا الرجل الذي صار ضمير العروبة ونبض السلام في المنطقة، أقلام عديدة متباينة تختلف في اتجاهاتها لكنها التقت عند نقطة الكتابة المضيئة عن الشيخ زايد تماماً مثلما اتفق على تقديره زعماء وحكام العالم. الشيخ زايد كتب الشعر وقرأ الثقافة. حفظ القرآن وأجاد التعاليم الصحيحة للقرآن، ونجح في السياسة وآمن بالتسامح والإنسانية وسعادة شعبه، أنصف الشباب والمرأة، وصار هدفاً رئيسا لتجسيد شخصيته في هوليوود.
صاحب المواقف العظيمة الذي ظل طوال حياته مهموماً بالمستقبل، كان دائماً الصديق الوفي في مفترق الطرق الدولية، الأقرب في وقت الأزمات. يمتلك القدرة الفائقة على تقدير المواقف. كان أول المحذرين من قوى الشر ودويلات التخريب. نظرته الثاقبة دفعته دائماً للوقوف بجانب العرب.
إيمانه الكامل بالدور المصري في المنطقة خلق بداخله يقيناً بأن «نهضة مصر نهضة للعرب كلهم» فقد قال حكيم العرب: أوصيت أبنائي بأن يكونوا دائماً إلى جانب مصر، وهذه وصيتي أكررها لهم أمامكم، فهذا هو الطريق لتحقيق العزة للعرب كلهم.
هذه الوصية لا تزال متوارثة بين أبناء حكيم العرب، وهم أيضاً يورثونها للشعب الإماراتي.
إنه صاحب رؤية، اللافت فيها أنها عابرة للزمن وطويلة المدى وعميقة التأثير، فرغم مرور الأزمنة إلا أنها تتناسب مع التحديات الحالية، فعندما نبحر في ذاكرة التنوير لحكيم العرب، فنتوقف عند لقاء شهير له مع الأمير تشارلز ولي عهد بريطانيا في 11 نوفمبر 1993 بأبوظبي، إذ كان حريصاً على تصحيح المفاهيم بشكل قاطع وواضح في هذا اللقاء، وقال له حرفياً: إن الإسلام دين رحمة وتسامح وغفران وتفاهم وتقارب بين البشر ومعاملة بالتي هي أحسن، وإن الدين الإسلامي لا يعرف العنف والبطش الذي يمارسه الإرهابيون وادعاءاتهم، فانطلاقاً من روح التسامح التي يؤمن بها الشيخ زايد فقد أولى جل اهتمامه لنبذ العنف وظاهرة التطرف الديني.
ظل طوال حياته يستشرف المستقبل، ويضع يده على التحديات، فمواقفه سباقة وشجاعة تجاه رفض وإدانة ظاهرة الإرهاب بكل أشكاله وصوره ومصادره، وبادر بدعمه الكامل للجهود الدولية والإقليمية لمكافحة هذه الظاهرة التي لا تمثل الإسلام وسماحته.
ودعا دوماً إلى التسامح والتراحم في العلاقات الإنسانية بين الشعوب، وأكد في أكثر من موقف أن الدين الإسلامي لا يعرف العنف والبطش الذي يمارسه الإرهابيون الذين يدعون الإسلام زوراً، وأن الإسلام هو دين المحبة والغفران والتسامح والرأفة، وأن المسلم لا يجوز أن يقتل أخاه مسلماً كان أو غير مسلم.
نعم هو رجل مختلف قيمة وقامة. تعامل مع الواقع، وراهن على المستقبل. بصمته واضحة داخل وخارج حدود الإمارات. وهب نفسه للخير، فالتفت حوله قلوب الجميع.
أولى حكيم العرب اهتمامه بنشر الخير وإقامة آلاف المشاريع الكبيرة، منها مؤسسات علاجية ومشروعات سكنية، وهنا فاضت روحه فظل خالداً.