أخيراً، سوف يذهب الإسرائيليون إلى انتخابات برلمانية مُبكرة، سوف تجرى في أبريل المقبل، بعد أن توافقت كل القوى السياسية داخل إسرائيل على حل الكنيست، وإجراء انتخابات جديدة، بسبب أزمة الأحزاب الدينية التي تُصر على إعفاء دارسي التوراة من طلاب المعاهد الدينية من التجنيد، بينما ترفض الأحزاب العلمانية هذا التمييز، الذي ينبغي، من وجهة نظرها، أن يكون وقفاً على طلاب المعاهد العليا الدينية فقط، ولأن غالبية تحالف الليكود الحاكم، تقتصر على مقعد واحد في الكنيست، الذي يضم 120 عضواً، وبالتالي، احتمالية سقوط حكومة نتنياهو، بعد أن هدد حزب يهودوت هاتوراة الديني، بالانسحاب من الائتلاف الحاكم، ما لم يتم إعفاء جميع طلاب المعاهد الدينية من التجنيد.
لكن ما يدعو إلى الدهشة والعجب، أن الإسرائيليين لن يكون أمامهم في انتخابات أبريل المقبل، سوى إعادة انتخاب نتنياهو، في ضوء الفراغ الكبير الذي يعانيه حزب الليكود، نتيجة عدم وجود زعامات حزبية قوية، تستطيع منافسة نتنياهو، فضلاً عن خلو سائر الأحزاب الأخرى، بما في ذلك حزب العمل، من منافسين أقوياء، يقدرون على هزيمة نتنياهو، الذي يتولى حكم إسرائيل على مدى 10 سنوات سابقة، يمكن أن تمتد فترة أخرى، ليصبح أطول من حكموا إسرائيل منذ إنشائها، وتفوق مدة حكمه، مدد الجميع، بمن فيهم بن غوريون مؤسس دولة إسرائيل، رغم أن نتنياهو يواجه 3 اتهامات بالفساد والرشوة وتلقي الهدايا الفاخرة من رجال الأعمال في 3 قضايا، بينها القضية 2000 التي اتهم فيها بالاتفاق مع مالك صحيفة يديعوت أحرونوت، لتغطية صحافية إيجابية، تجمّل صورة نتنياهو، مقابل التضييق على الصحف المنافسة!
فضلاً عن اتهامات الفساد، التي تطول زوجته سارة، التي خضعت لتحقيقات الشرطة، والأخطر من ذلك أنه يواجه اتهامات أخرى تتعلق بأمن المدن والقرى الإسرائيلية في محيط قطاع غزة، التي تتعرض لصواريخ منظمتي حماس والجهاد، وعلى الرغم من كل هذه الاتهامات التي ضربت الكيان الصهيوني عام 2018، فإن كل استطلاعات الرأي العام الإسرائيلي، تؤكد أن نتنياهو لا يواجه في انتخابات أبريل المقبل منافساً حقيقياً، وأن تحالف الليكود الحاكم، لا يزال الأقوى في إسرائيل، وسوف يحصل في الانتخابات على 30 مقعداً في الكنيست، وسوف يظل بعد الانتخابات المُبكرة أكبر حزب في البرلمان، إن لم يُحقق موقعاً أفضل، ويتحصل على عدد أكبر من مقاعد الكنيست، أما حزب العمل، الذي يقوده آفي جاباي، فإن الحد الأقصى لعدد مقاعد الكنيست التي يمكن أن يتحصل عليها، هو 14 مقعداً، يليه القائمة العربية المشتركة، التي تُشكل التشكيل الانتخابي الثالث في الكنيست، والتي يمكن أن تتحصل على 13 مقعداً، رغم الأحاديث المتداولة عن إمكانية أن يرأس القائمة العربية المشتركة، النائب أحمد الطيبي، ليحل مكان رئيس القائمة العربية الحالي، أيمن عودة.
ورغم أن استطلاعات الرأي العام الإسرائيلي، تُرشح حزب يوجو مشبتل، الذي يرأسه يائير لبيد، لكي يكون الحزب الثاني بعد تحالف الليكود، والذي ربما يصل عدد مقاعده في الكنيست القادم إلى 20 مقعداً، ليصبح الحزب الوحيد الذي يُمكن أن يُشكل بديلاً لحكم نتنياهو، إلا أن خلو حزب يوجو مشبتل من شخصية أمنية مرموقة، يُشكل نقطة الضعف الأساسية في الحزب، وذلك ما يجعل تحالف الليكود دون منافس حقيقي، يزيد على أن تشدد نتنياهو في معظم القضايا المتعلقة بالفلسطينيين، يعطي للإسرائيليين أسباباً كثيرة تدعوهم للتغاضي عن مشكلاته القانونية المتعلقة بالرشوة والفساد.
وأغلب الظن أن تحالفاً جديداً لحكم إسرائيل، يقوده الليكود، برئاسة نتنياهو، سوف يعزز رفض الإسرائيليين لقيام دولة فلسطينية تعيش في أمن وسلام إلى جوار إسرائيل، ويزيد من صعوبات الوصول إلى تسوية عادلة للصراع العربي ـ الإسرائيلي، خاصة أن مشروع التسوية الذي تدرسه إدارة الرئيس الأميركي ترامب، تحت عنوان صفقة القرن، يستبعد حل الدولتين، ويستبعد أن تكون القدس الشرقية عاصمة للدولة الفلسطينية المستقلة، كما أعلنت قبل يومين مندوبة أميركا في الأمم المتحدة، التي اطلعت على تفاصيل المشروع، ولخصت أهم أهدافه، في أنه يعطي للفلسطينيين ما هو أقل من الحكم الذاتي، ويستهدف في الأساس، تحسين أوضاعهم الاقتصادية، لكنه يستجيب لمعظم مطالب إسرائيل الأمنية.
* كاتب ومحلل سياسي