تحالفاتنا الدولية ليست كما ينبغي حين نحتاجها في ظرف كهذا الظرف الذي تمر به منطقتنا، ولم نولِ هذا الأمر الاهتمام الكافي، ألقينا بيضنا كله في السلة الأمريكية، وأمريكا ما عادت كما كانت، ولن تعود!

ضعف تحالفاتنا خارج الإطار الأمريكي هو أكبر عوائقنا في تحركاتنا لمواجهة المد الإيراني،

ناهيك عن أن هناك شبه إجماع على أن الضربة العسكرية المحدودة على إيران عقاب لها على تماديها واعتدائها على السعودية لن تُحدث النتيجة المؤثرة التي تتناسب مع حجم جريمتها، وهناك إجماع بأن الحرب الشاملة على إيران ستضر الجميع، سواء دول المنطقة ونحن منهم أو العالم أجمع.

وبعيداً عن ضعف تحالفاتنا، فأمريكا التي تساند موقفنا تجاه إيران لديها قصصها التي تشغلها، فهناك تضارب مصالح صينية- أمريكية وتضارب مصالح أوروبية- أمريكية وحروب اقتصادية بين هذه الأطراف يجعل من الموقف الصيني أو الأوروبي من ضرب إيران مرهون بالمشكلة البينية الأمريكية- الأوروبية والأمريكية- الصينية، أكثر ما بإيران، لذلك ستدخل هذه الحسابات على الخط إن بحثت أمريكا عن حلفاء دوليين يدعمونها لمواجهة الإرهاب الإيراني.

لافروف وزير الخارجية الروسي شكك بالرواية الأمريكية قائلاً: إنها اتهامات دون أدلة وتزيد المنطقة توتراً، في موقف مساومة وابتزاز واضح، وفي هذه الحالة ليس هناك إجماع دولي على معاقبة إيران عسكرياً، أضف لذلك أن ترامب لن يجازف بتابوت أمريكي واحد، يعود لواشنطن يحمل جثة جندي أمريكي قبل إعادة انتخابه، وهو يعلم أن لديه أكثر من 70 ألف مجند أمريكي في المنطقة، وفوق هذا كله أعضاء من الكونغرس الأمريكي حذروه من القيام بعمل منفرد دون الرجوع لهم ومنهم جمهوريون، فلن يجازف ترامب إذاً بعمل عسكري لن يجدي له نفعاً، وسيسهم في خسائره محلياً، وخسائرنا أيضاً.

إنه أفضل الأوقات لأي بلطجي معربد في المنطقة أن يتمدد ويستغل هذا الظرف- وهذا ما فعلته إيران- إن استغلت الظرف الذي اختلفت فيه القوى العظمى في ما بينها كي تتمدد وتقوم بأعمالها الإجرامية.

والحل؟

الحل أن تستمر العقوبات على إيران وتتضاعف كما يحدث الآن عليها، وليس بالضرورة أن تعاقب من خلال ضربة عسكرية، فنحن يهمنا النتائج أكثر من التمسك بمجرد عملية انتقامية يستفيد منها عدونا أكثر منا.

الحل بمضاعفة خسائره بالعقوبات التي تفي بالغرض المنشود ولا تؤثر علينا، كما يهمنا أن نقلل الأضرار علينا، فلا نفتح جبهة جديدة، وإيران تسعى جاهدة لجرنا لحرب كي نكون من الخاسرين معها، وأن نعمل بشكل مكثف على تقوية تحالفاتنا خارج الإطار الأمريكي الآن، وأن نضغط باتجاه ربط مصالحنا التجارية المشتركة مع أوروبا وروسيا والصين بمصالحنا الأمنية، هذا هو أفضل الأوقات لإحراج هذه الدول إن قدمت الدعم لإيران التي كشفت عن جرائمها، والتحقيق الدولي الذي دعت له السعودية يفي بالغرض!

الحل أن نتخلى عن (أدبنا) المبالغ فيه تجاه احترامنا للاتفاقات والالتزامات، التي لم تحترمها إيران كاتفاقية استوكهولم الخاصة بفصل القوات في ميناء الحديدة، فهو الرئة التي تتنفس منها إيران في باب المندب، ونضرب بيد من حديد هذا «الميناء» الذي إما أن يسلم للشرعية وإما أن نتعامل بطريقة أخرى، والحل أن نضع لبنان والعراق أمام التزاماتهما تجاه أمننا في هذا الوقت الذي تعاني منه إيران وعجزها عن مساعدتهما مادياً.