من المعروف أن هناك تفاهمات أمريكية- تركية وروسية- تركية كي يتقدم أردوغان في الشريط الحدودي لإنشاء منطقة آمنة، حسب ما طلبت تركيا قبل تحركات قواتها بعملية عسكرية، أطلقت عليها اسم «نبع السلام» لإبعاد قوات «قسد» أي «قوات سوريا الديمقراطية» ذات الغالبية الكردية المدعومة أمريكياً.

اشترطت الولايات المتحدة الأمريكية ألا يزيد عمق تقدم تركيا عن 5 كيلو مترات واشترطت روسيا ألا يترك قوات تركية في المنطقة، بل يعيد النازحين واللاجئين السوريين كما وعد في الأمم المتحدة ويبني لهم 100 بلدة و140 قرية وبيوتاً ومدارس ومساجد ومستشفيات لأكثر من مليون لاجئ سوري، ويترك لهم مجالس حكم محلية تنظم أمورهم كما فعل في عفرين العام الماضي.

لم يثنه تهديد ترامب بتدمير اقتصاده إن تجاوز الخطوط الحمراء، وها هو يتمادى بقصفه حتى وصل إلى موقع للقوات الأمريكية في عين العرب «كوباني»، وقالت وزارة الخزانة الأمريكية، مساء الجمعة، إن الرئيس دونالد ترامب، وقّع أمراً تنفيذياً يمنح مسؤولين أمريكيين صلاحيات واسعة لفرض عقوبات على تركيا، وصرح وزير الخزانة، ستيفن منوتشين، بأن ترامب فوض مسؤولين أمريكيين بصياغة مسودة لعقوبات جديدة «كبيرة جداً» على تركيا، بعد أن شنت هجوماً في شمال شرق سوريا، وها هي الليرة التركية تتراجع أمام الدولار.

أمام أردوغان مهمة تغيير الواقع الديموغرافي بتهجير الأكراد وإحلال السوريين السنة، وأمامه مواجهة منطقة مفتوحة طويلة تمنح الخصوم فرصاً عديدة لشن هجمات مضادة، وليس الأمر كعفرين التي تقع على منطقة جبلية منغلقة سهلت السيطرة، وأمامه الحفاظ على أكثر من 12000 سجين داعشي لا يريد أحد استقبالهم أو محاكمتهم وقد وعد بحماية أوروبا منهم، إذ يؤكد الباحث ويل تودمان من مركز الدراسات الاستراتيجية و الدولية (csis )، وهنا تبرز مخاوف عـودة «داعـش» للظهور، فبما أن «قسد» ستركز جهودها على مواجهة الهجوم التركي؛ فإنها ستضطر لسحب قواتها من المناطق التي شهدت تصاعداً في هجمات خلايا «داعش»، ومن المناطق التي تشهد توتراً بين العشائر العربية و«قسد»،

وقد يترتب على الهجوم التركي إطلاق سراح نحو 12000 سجين داعشي، وعشرات الآلاف من عائلاتهم التي تقطن مخيمات ومناطق تسيطر عليها قوات «قسد»، في حين أكد البيت الأبيض أن تركيا ستتولى المسؤولية عن سجناء ومحتجزي «داعش»، إلا أن احتمالات تسليم المخيمات من قبل الكرد للأتراك تبدو ضعيفة، وقد يترتب على العمليات العسكرية نتائج وخيمة على الصعيد الإنساني، إذ يمكن أن تفضي إلى تشريد أكثر من 758 ألف سوري يسكنون في المناطق الحدودية، وقد تشرد بعضهم أكثر من مرة خلال فترة الصراع، ويحتمل أن ينزحوا مرة أخرى جنوباً من المناطق الحدودية إلى المناطق ذات الغالبية العربية، أو أن يضطروا لعبور الحدود إلى العراق الذي يعاني من احتجاجات وتظاهرات واسعة، في حين تخطط تركيا لإعادة توطين أكثر من مليون لاجئ سوري؛ «مما سيؤدي إلى حدوث تغير ديموغرافي وعرقي يمكن أن يتسبب بمزيد من انعدام الاستقرار».

حسب بيانات «المرصد الاستراتيجي».

خلاصة القول: العملية ليست سهلة كما يتخيلها أردوغان، فهل هو فخ نصب لاستدراج أردوغان لمستنقع لن يخرج منه سالماً أم أنه لواء للإسكندرون جديد سيمنحه الغرب لتركيا على حساب الأرض العربية؟