مع نهاية الفترة الأولى من حكم الرئيس عبد الفتاح السيسي، اكتملت ملامح خريطة مصر العصرية، وباتت نسائمها الجديدة واضحة البيان، تحمل تغييراً جذرياً في الموقع والمكان، يؤكد حجم التغيير الضخم الذي طرأ على جغرافية مصر خلال أقل من خمس سنوات، تغيرت فيها مصر من حال إلى حال.
اتسع نطاق المعمور المصري الذي كان محاصراً في نطاق 7 في المائة من مساحة مصر، تتمثل في دلتا النهر وواديه الضيق، الذي يمتد جنوباً ابتداءً من نهاية مروحة الدلتا عند القناطر الخيرية في شريط أخضر محدود يلاحق نهر النيل، وسط خلاء شاسع من اللامعمور الصحراوي، يتمثل في الصحراوين الكبريين الصحراء الغربية حتى حدود ليبيا، والصحراء الشرقية حتى ساحل البحر الأحمر وقناة السويس، على حافتها تقف مدن القناة الثلاث بورسعيد والإسماعيلية والسويس، ومعلقة في الفراغ وسط خلاء صحراوي آخر وصولاً إلى القاهرة عاصمة البلاد، وخارج هذا المعمور المحدود تقع سيناء بوابة مصر الشرقية صندوقاً من الرمال، معزولة شبه خالية من المعمور والسكان، مجرد منطقة عبور إلى مصر، يتربص بها الأعداء والطامعون على مر التاريخ.
في هذه المساحة الشاسعة من اللامعمور الصحراوي أنجز المصريون في عهد الرئيس السيسي وبمشورته وتخطيطه عملاً تاريخياً ضخماً غيّر خريطة مصر إلى الأبد، وسوف يغيّر حياة المصريين إلى الأفضل في نهضة كبرى تتمثل في مصر العصرية، ساعده على هذا الإنجاز المعجزة سواعد المصريين بجهدهم الدؤوب، وعلى هذه الأرض الخلاء أقام بها 1344 مشروعاً متنوعاً بهمة خمسة ملايين مهندس وعامل، أنجزوا 232 مشروعاً سكنياً، و27 منطقة صناعية و21 محطة تحلية لمياه البحر تنتج في اليوم الواحد 485 ألف لتر مياه للزراعة والشرب، وشقوا في الأودية والجبال والهضاب والصحراوات 560 كيلو متراً من الطرق الجديدة الحديثة في شبكة عصرية متقنة، ربطت الدلتا والوادي وسيناء ومدن القناة والبحر الأحمر، وكذلك أنفاق حديثة تمر تحت قناة السويس، وترتبط هذه الشبكة القومية بشبكة طرق سيناء «2025 كيلو متراً» في محور تنمية رئيسي جديد تكلفت إقامته 8.5 مليارات جنيه، محور 30 يونيو الذي يضم موانئ السخنة والسويس وبورسعيد ودمياط والعريش، كما يضم أربعة أقاليم اقتصادية، إضافة إلى ميناء شرق بورسعيد بأرصفته التي يبلغ طولها 5 كيلو مترات.
إنجاز ضخم وعالم جديد وفرص تشغيل جديدة، هبطت بمعدلات البطالة من 14 في المائة إلى أقل من 10 في المائة؛ لأن خمسة ملايين شاب مصري قد تحصلوا على فرص عمل منتجة جديدة، ويخدم هذا المحور الجديد مزرعة من الصوب الزراعية بمساحة 19 ألف فدان خضروات وفاكهة شاهدها المصريون عبر شاشات التلفزيون، كما شاهدوا نماذج أخرى لها في منطقة الحمام، وأماكن أخرى تسر زراعتها الناظرين، وفي هذا الإقليم الاقتصادي الجديد - الذي أقيم وسط هذا اللامعمور الصحراوي - تنهض حياة جديدة في المنطقة الصناعية ومحور قناة السويس، مصانع للسيارات والأوتوبيسات والجرارات والأغذية والملابس الجاهزة والنسيج، تقوم حولها مصانع متوسطة وصغيرة الصناعات المغذية، الإطارات وضفائر شبكات السيارات والبويات، وعلى مسافة 70 كيلو متراً من شرق بورسعيد تعمل منصات حقول غاز ظهر. ولا أظن أنني أبالغ إذا قلت إنه ما من جزء من هذه المساحة الشاسعة التي يحتلها محور 30 يونيو إلا يشهد مشروعاً جديداً، بلغت أوج إنتاجها بإضافة 3 مليارات قدم مكعب من الغاز يومياً، وكانت أهم العوامل في أن تحقق مصر اكتفاءها الذاتي من الطاقة.
ومثلما استثمرت مصر هذا القدر الضخم من الأموال لزيادة حجم ناتجها الوطني العام، استثمرت الكثير في تحسين جودة الحياة المصرية سواء في مشروعات التعليم، حيث تم إقامة 27 مدرسة جديدة ويجري تنفيذ 9 مدارس أخرى، ومشروعات الرياضة خاصة مشروع الصالة المغطاة في العريش الذي افتتحه الرئيس أخيراً، أو مشروعات الصحة، وفي بورسعيد تم كشف وعلاج 92 في المائة من الفئة المستهدفة من مرض فيروس «سي» الذين يبلغ عددهم 456 ألف مواطن، ولأن بورسعيد هي أول محافظة مصرية يتم فيها تطبيق نظام التأمين الصحي الشامل على جميع المواطنين من كل الأمراض تم إعادة تأهيل وتجهيز وتطوير جميع المستشفيات والمراكز الصحية، كما تم إنشاء 7 مستشفيات جديدة و35 وحدة صحية بتكلفة تقترب من 2 مليار جنيه، وكعادته كان الرئيس السيسي صريحاً وشفافاً وهو يؤكد أن نظام التأمين الصحي الشامل على جميع المواطنين من مختلف الأمراض بما في ذلك الجراحات الدقيقة يحتاج إلى تضافر جهود الدولة وجهود المواطنين وجهود المجتمع المدني في منظومة متكاملة يقوم خلالها الجميع بأدوارهم، مؤكداً أن الدولة سوف تقوم بكل واجباتها لإنجاح هذا المشروع الذي يتطلب أيضاً أن يقوم كل مواطن بواجبه ويفي باشتراكاته في هذا النظام الذي يقوم على التكافل، وتدفع فيه الدولة تكاليف التأمين الصحي لغير القادرين.
وبإطلاق مشروع التأمين الصحي في بورسعيد أولى المحافظات المصرية يتوافر لعبور مصر إلى الدولة العصرية كل عناصر النجاح وتكتمل كل شروطه. إن خطة مصر لإقامة الدولة العصرية هذه المرة تركز على بناء الإنسان أولاً، ولضمان نجاح مصر العصرية، تم تحصين المشروع من أخطاء البشر وفي مقدمتها الإهمال والفساد، الجريمتان الأساسيتان اللتان أفشلتا جهود مصر على امتداد سنوات عدة لتحقيق نهضتها وإكمال مشوارها دون تراجع، وذلك ما يجعل من ميكنة المعلومات وبناء الدولة الرقمية أهم عناصر النجاح.
* كاتب صحافي