يشهد العالم العربي حالة عداء لتركيا غير مسبوقة، منذ الثورة العربية الكبرى عام 1917، وكان رجب طيب أردوغان يريد تسليم تركة ثقيلة لمن سيخلفه كالتي ورثها ممن قبله! تطورت العلاقات التركية- العربية منذ منتصف القرن الماضي، وكادت أن تنسى حالة العداء العثماني، وشهدت المدن السياحية التركية إقبالاً عربياً كثيفاً، كما نجحت الدراما التركية في كسب مزيد من المعجبين العرب، ولكن يبدو أن ذلك كله بدا يتراجع مع طموحات أردوغانية غير واقعية تظن أن بمقدورها إعادة عقارب الساعة إلى الوراء.
الدور التركي في قيادة الحملات الإعلامية ضد دول التحالف الرباعي لمكافحة الإرهاب برز بشكل علني في الآونة الأخيرة بعد فشل محاولة وكيلها الخليجي (قطر) بتفكيكه والانفراد بأعضائه دولة تلو الأخرى، ومنذ افتتاح الرئيس أردوغان القاعدة العسكرية التركية في الدوحة، ظهر حجم التعاون بين البلدين في تحقيق أجندة واحدة ذات مصالح مشتركة تعزز أجندة المحور التركي- الإيراني القطري ضد الشعوب العربية.
الحملة الإعلامية التركية- القطرية ضد دولة الإمارات تكثفت بهجوم شخصي على صاحب السمو الشيخ محمد بن زايد آل نهيان ولي عهد أبوظبي نائب القائد الأعلى للقوات المسلحة ودعوة لمقاطعة اقتصادية لدولة الإمارات بعد انتهاء قمة الرياض مباشرة.
الهجوم الإعلامي التركي على مصر والإمارات أصبح علنياً بصريح العبارة بأن دولة الإمارات عدو لهم، فتصبح الإمارات ثاني دولة عربية يعلن النظام التركي العداء لها بعد مصر، ففي *صحيفة «يني شفق» التركية، نُشر مقال لإبراهيم قراغول، بعنوان، «دعوكم من الكلمات الرخيصة: الإمارات عدونا الصريح.
يجب اتخاذ ما يلزم حيال هذا الأمر». قال فيه: «إذا كانت هناك ضرورة في انتقال قوات عسكرية تركية إلى ليبيا، فسيحدث هذا. لا يمكن أن نسمح لأحد أن يحصر تحركات تركيا بين جزر بحر إيجة الضيقة، ولا يمكن عزلها عن المنطقة أو طردها من مياه المتوسط.
لقد حفظنا هذه اللعبة عن ظهر قلب، علينا جميعاً أن نتذكر جيداً أن الإمارات أصبحت عدواً لدودا لتركيا في كل شبر من ربوع المنطقة. ولهذا يجب التصدي لهذا البلد في كل مكان، وفعل ما يلزم حيال هذا الأمر»* نُشر هذا المقال في 16 ديسمبر لذلك تحرك الإعلام الإخواني بكل منظومته التركية والقطرية لمهاجمة دولة الإمارات.
حضور تركيا لما سمي القمة الإسلامية في ماليزيا فتح الباب للإعلام التركي أن يظهر المملكة العربية السعودية وكأنها في عزلة، فظهر عنوان صحيفة «يني شفق» التركية «الملك سلمان يعلق على استثناء بلاده من القمة الإسلامية المصغرة».
الدور التركي المعادي بدأ يتفاقم ويبرز للعلن في التحالف ضد المملكة العربية السعودية وضد عالمنا العربي بشكل عام، فانتقلت تركيا إلى مرحلة التدخل العسكري المباشر بمعدات وأسلحة وأعلنت أنها على استعداد لإرسال قوات لليبيا، وبلطجتها في البحر المتوسط للاستيلاء على الغاز، وتعديها على الحقوق القبرصية والمصرية واتفاقياتها العسكرية مع حكومة الوفاق الليبية جعلها في مواجهة مباشرة مع اليونان وقبرص ومصر، واحتلالها الشريط الحدودي مع سوريا، بالإضافة إلى إنشاء ثلاث قواعد عسكرية تركية في ثلاث دول عربية: قطر والصومال وسوريا، جعل تركيا الآن في مواجهة حتمية مع الشعوب العربية، التي ترفض عودة الاحتلال العثماني من جديد لها، وتلك مرحلة جديدة لم نعهدها منذ مائة عام، فهل ستفتح ممالك النار أبوابها من جديد؟