تقرير جميل عرضته قناة «سكاي نيوز» قبل عام يظهر جمال شواطئ بنغازي ورمالها البيضاء النقية على البحر المتوسط ظهر فيه أهالي بنغازي مع أطفالهم وهم يتنفسون الصعداء بعد دحر ميليشيات داعش الإرهابية واستعادة صفاء عيشهم هناك بعد طول معاناة، هذا الصفاء الذي يريد أن يعكره السيد أردوغان من جديد دون أن يستوعب الدروس الإقليمية ويدرك بأن العبث خارج حدود دولته السيادية خطر لا يمكن أن يتحمله العالم بعد الآن، وهي رسالة لابد أن تصل إلى كل الدول الطامعة في أوطاننا العربية، وهو درس لا تفرضه منظومة القيم الأخلاقية والاتفاقيات الدولية فحسب بل تفرضه مصالح وترتيبات دولية يعتقد السيد أردوغان أن بإمكانه تجاوزها معرضاً المصالح التركية والأمن التركي للخطر من أجل أوهامه وأحلامه لا أمن دولنا العربية فحسب.
كما نأمل أن يفيق العرب من جماعة الإخوان المسلمين الذين يساعدونه بخيانة أوطانهم ويستوعبون ذات الدرس ذاته، ويدركون أن الشعوب العربية التي رفضت المحتل الإيراني تحت ذريعة مساعدة الشيعة، فإنها لن تقبل بعودة المحتل العثماني من جديد بحجة مساعدة السنة، فهل يستوعبون الدرس أم مازالوا يغطون في سباتهم؟
وحسناً فعلت دولة الإمارات أنها لم تكتف ببيان جامعة الدول العربية أو ببيان البرلمان العربي والتحالف الرباعي، بل أصدرت بيانها الذي يحذر من مغبة هذا التهور حيث أدانت القرار التركي إرسال قوات عسكرية إلى ليبيا، معتبرة إياه «انتهاكاً واضحاً لمقررات الشرعية الدولية، وقرارات مجلس الأمن حول ليبيا».
و«نوهت إلى الدور الخطير الذي تلعبه تركيا بدعمها للتنظيمات المتطرفة والإرهابية عبر نقل عناصر متطرفة إلى ليبيا، مما يُبرز الحاجة المُلحة لدعم استعادة منطق الدولة الوطنية ومؤسساتها في ليبيا مقابل منطق الميليشيات والجماعات المُسلحة الذي تدعمه تركيا».
الشعوب العربية لا يمكنها أن تقبل أي صيغة لأي احتلال جديد ومثلما شيعة العراق رفضوا المحتل الإيراني وانتصروا لعروبتهم، كذلك الحال سيكون في ليبيا، وبنغازي التي احتفلت بدحر الدواعش لن تقبل بعودتهم من جديد حتى لو كانت هذه العودة بالتعاون مع فايز السراج الذي سيفتح لهم الشباك بعد أن طردوا من الباب، فقد حذر خليفة حفتر، الذي يقود هجوماً عسكرياً للسيطرة على العاصمة طرابلس، في كلمة متلفزة، الجمعة وأعلن «النفير» و«الجهاد» لصد أي تدخل عسكري تركي في بلاده.
وقال هذه الكلمة على قناة «ليبيا الحدث» ومقرها بنغازي، «نعلن المواجهة وقبول التحدي ورص الصفوف ونبذ خلافاتنا فيما بيننا» وأضاف «على كل ليبي حر حمل السلاح، رجالاً ونساء، عسكريين ومدنيين، لندافع عن أرضنا وعرضنا وشرفنا».
وتابع حفتر أن «العدو يحشد قواته اليوم لغزو ليبيا واستعباد شعبنا من جديد، وقد وجد من الخونة من يوقع معه اتفاقية الخنوع والذل والعار بلا سند شعبي أو دستوري أو أخلاقي لاستباحة أرضنا وسمائنا».
وتابع «لقد هرول الخونة لأسيادهم ليقبّلوا أيديهم ويستجدونهم الإغاثة والنجدة، من هول ما أحاط بهم من كل جانب، بعد مشاهدتهم طلائع القوات المسلحة تتقدم لتدك أوكارهم في قلب العاصمة».
من المؤسف أن لا يستوعب بعض العرب الموالين لتركيا، أنهم ليسوا سوى قرابين لحروبها بالوكالة للاستيلاء على مواقع استراتيجية وموارد طبيعية من أجل تزويد خزائنها لا أكثر ولا أقل، فهل سيتعظ هؤلاء ويفهمون ويدركون دقة المرحلة المقبلة، أم سيتقدمون طوعاً وينتحرون كما الحيتان على شواطئ بنغازي؟