في مقالنا اليوم نتطرق لمفهوم قانون الجذب وهو مفهوم واسع الانتشار، وخاصة في أوساطنا العربية، مفهوم تداوله الكثيرون وأصبح له العديد من المساندين والمدافعين عنه، ناهيك عن المدربين الذين أصبحوا خبراء في هذا المجال، يرشدون الناس كيف يطبقون هذا المفهوم.

أولاً: قانون الجذب هو أن جميع ما يحدث في حياتنا هو نتاج لأفكارنا التي اعتنقناها، فإذا فكرنا بإيجابية اجتذبنا الشيء الإيجابي، وإذا فكرنا بطريقة سلبية اجتذبنا الأمور السلبية لحياتنا.

بدايةً المفهوم الذي ذكرنا قد يكون مقبولاً إلى حدٍ ما، فأفكارنا تنعكس على تصرفاتنا وأعمالنا وبالتالي تشكل حاضرنا ومستقبلنا، مع التأكيد أن التصرفات التي هي انعكاس لأفكارنا لم تذكر في المفهوم العام، فالحاصل في قانون الجذب أننا نقفز من الفكرة إلى النتيجة النهائية لاغين من بينهما العمل والتصرف الذي نقوم به، مثال ذلك بعضهم يقول أنا أجذب المال أو أنا غني والنتيجة أن الكون سيستجيب لك وتأتيك الأموال، ونرى عدم ذكر للفعل والحركة المطلوبين من أجل الوصول للغنى.

قد يعترض أحدهم الآن على ما ذكرت، ويقول إن اجتذاب الشيء المراد يبدأ بالأفكار، ومن ثم يتم اجتذاب طريقة الوصول لهذه الفكرة ويبدأ معها العمل، وأنا أقول إذن ما فائدة الجذب أصلاً إذا كان الحال كذلك؟ إذا جاءت في عقلي فكرة مقنعة لمشروع معين، ومن ثم بدأت بالتنفيذ باستخراج الرخص التجارية وتأسيس العمل، وبعدها بدأت العمل وبدأت تأتيني الإيرادات فما ميزة قانون الجذب أساساً، فالكل يعمل بنفس الصورة منذ الأزل، من غير هذا الجذب الذي يتحدثون عنه.

ثانياً: التركيز على الأفكار وانتظار الفتوحات بعدها كما يدعي أنصار هذا القانون، لا يوصل إلى شيء، وليس له أي قيمة إذا لم يصحب التفكير العمل، قد تتخذ قراراً سريعاً من غير أن تستغرق فيه بالتفكير والتأمل، ومن غير أن تتخيل نفسك وقد وصلت إلى هدفك، من غير كل هذه الأفلام قد يكون قرارك السريع هذا قراراً محورياً ومفيداً في مسيرتك ويكون بذلك قراراً عظيماً، أو أنه قد يؤثر في جانب من جوانب حياتك بالسلب، فلا داعي لجعل الناس يعيشون أحلام اليقظة.

ثالثاً: دعونا نسقط ما قرأناه وسمعناه عن قانون الجذب على أرض الواقع، هل تذكر عزيزي القارئ أنك سمعت عن أحدٍ من كبار التجار أو رجالات الأعمال قال عن قانون الجذب، هل سمعت مرة واحدة ولو بالصدفة أن رجل الأعمال الفلاني كون ثروته لأنه اعتنق الجذب، بصراحة أنا لم أسمع ولا أعتقد أنني أسمع بتاتاً عن شخص يفكر في الغنى والثراء طوال الليل، وفي صبيحة اليوم التالي يجد المال، لذا أتحدى أن يثبت من يزعمون أن قانون الجذب موجود أن يخرجوا لنا من هذا العالم مترامي الأطراف شخصاً يقول إنه عمل بهذا القانون.

رابعاً: أستغرب من بعض الذين يتحدثون عن قانون الجذب ويضفون عليه الصبغة الدينية، فأحدهم يذكر الحديث القدسي الذي رواه رسول الله صلى الله عليه وسلم عن ربه «أنا عند ظن عبدي بي، وأنا معه إذا ذكرني..» إلى آخر الحديث، فأصحاب مذهب الجذب يقولون إن هذا دليل على قانون الجذب، وأن الواحد منا عندما يفكر بحسن ظن تأتيه الخيرات والفتوحات، ونحن نقول إذن لم غيرتم العنوان من حسن الظن بالله إلى قانون الجذب، لو تمعنا في الحديث الشريف نلحظ بوضوح أن الأمر كله لله، فالظن الحسن بالله سبحانه هو أساس الفتوح والخيرات، وليس حسن الظن بالأفكار والتأملات العميقة التي يتحدث عنها أصحاب هذا القانون، ودائماً وأبداً يكون الظن الحسن بالله مقروناً في ديننا بالعمل والسعي.