كانت دولة الإمارات العربية المتحدة خلال الأسبوع الماضي على موعد مع حدثين مهمين في مسيرتها الرائدة نحو المستقبل، الأول تسلُّم صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم نائب رئيس الدولة رئيس مجلس الوزراء حاكم دبي، رعاه الله، القطعة الأخيرة من «مسبار الأمل» التي تشكل الجزء الخارجي الأخير من المسبار، وحضور سموه عملية تركيبها. والثاني هو إعلان الهيئة الاتحادية للرقابة النووية، الجهة الرقابية المسؤولة عن تنظيم القطاع النووي في الإمارات، إصدار رخصة تشغيل الوحدة الأولى لمحطة براكة للطاقة النووية، في خطوة اعتبرها صاحب السمو الشيخ محمد بن زايد آل نهيان، ولي عهد أبوظبي نائب القائد الأعلى للقوات المسلحة، بداية مرحلة جديدة من الحراك التنموي تشهدها مسيرة نهضتنا وتزيدها قوة ومتانة.كلا الحدثين يؤكدان أن الإمارات ماضية بعزم وقوة نحو تحقيق رؤيتها الطموحة لريادة منطقتها والعالم، والمساهمة الفاعلة في صناعة مستقبله خلال الخمسين عاماً المقبلة، ويعززان نموذجها الحضاري والتنموي الرائد، وموقعها كقائد للعالمين العربي والإسلامي في مسيرة استئناف الحضارة والانطلاق الواثق نحو المستقبل.
بحصولها على رخصة تشغيل الوحدة الأولى لمحطة براكة، ستكون الإمارات أول دولة عربية تبدأ تشغيل محطات الطاقة النووية السلمية، وأول دولة عربية تنضم لنادي الدول العظمى التي تستخدم الطاقة النظيفة في إنتاج الكهرباء. وهذه الخطوة المهمة، إضافة إلى أهميتها في تعزيز ريادة النموذج الإماراتي التنموي، فإنها ستعزز دور الإمارات في أسواق الطاقة العالمية، وجهودها الدؤوبة للاستعداد لمرحلة ما بعد النفط، كما أنها ستسهم في تلبية الاحتياجات المحلية المتزايدة من الطاقة، حيث يتوقع أن تسهم محطات الطاقة النووية الأربع في براكة في إنتاج طاقة كهربائية تُغطي 25% من احتياجات الإمارات من الكهرباء.
وباستكمالها لعملية بناء مسبار الأمل، ومواصلة الاستعدادات لإطلاق هذا المسبار إلى الكوكب الأحمر في يوليو المقبل، ستنضم الإمارات إلى الدول العظمى في مجال غزو الفضاء واستكشاف كوكب المريخ. وهي خطوة لن تسهم فقط في تعزيز مسيرة الإمارات التنموية وخطواتها الواثقة نحو المستقبل، ولكن أيضاً تحقيق حلم الدول والشعوب العربية وأملها في غزو الفضاء، وخدمة الإنسانية كلها والإسهام في تحقيق إنجازات واكتشافات علمية تضمن مستقبلاً أفضل لكل شعوب الأرض.
ولعل أهم ما في منجزات الإمارات الحضارية هذه، التي تصنع الأمل والمستقبل المشرق لأبنائها ولكل الشعوب العربية، بل وشعوب العالم كله، هو أنها تتم بأيدٍ إماراتية، وبهوية إماراتية، وهو ما يؤكد أن استثمار قيادتنا الرشيدة منذ عهد المغفور له بإذن الله الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان، طيب الله ثراه، في الإنسان الإماراتي كان استثماراً ناجحاً وتوجّهاً حكيماً. فنسبة المواطنين العاملين في الهيئة الاتحادية للرقابة النووية التي تتولى إدارة برنامج الإمارات النووي تجاوزت الـ67%، فيما سيتم التحكّم في مسبار الأمل في المريخ من على أرض الإمارات وبفريق عمل إماراتي بنسبة 100%. وهذه الكفاءات الوطنية الإماراتية التي تصمم وتصنع وتدير مشروعات الإمارات الكبرى وتشرف على تحقيق رؤيتها الطموحة نحو المستقبل، هي القوة الأهم والأكبر لدولتنا الحبيبة كما قال ذلك صاحب السمو الشيخ محمد بن زايد آل نهيان.
إن الإمارات بإنجازاتها الكبيرة وطموحاتها غير المحدودة تقود العرب جميعاً إلى المستقبل المشرق الذي يحلمون به، وتعزز الأمل في نفوسهم وثقتهم بأنفسهم وبأنهم قادرون على استئناف مسيرة حضارتهم العظيمة والمساهمة الفاعلة في صناعة مستقبل العالم كله بالعلم والعزيمة والرؤية الطموحة التي لا تعرف المستحيل.
* كاتبة إماراتية