العاشر من رمضان، يوم محفور في ذاكرة الشعب المصري والشعوب العربية كلها من المحيط إلى الخليج، لأنه يرتبط بأعظم انتصارات العرب في العصر الحديث، وهو انتصار العاشر من رمضان عام 1393 هجرية الموافق السادس من أكتوبر عام 1973 ميلادية.
استطاعت حرب أكتوبر تغيير الكثير من النظريات في العلوم العسكرية وأدت إلى تغيير الكثير من الاستراتيجيات والمفاهيم التي كانت سائدة قبلها بسبب براعة الجندي المصري في تأدية المهام العسكرية بشكل أذهل كل الخبراء العسكريين في ذلك الحين.
الآن يخوض الجيش المصري أعظم ملحمة لتطهير أرض سيناء من دنس الإرهابيين في إطار العملية الشاملة التي أطلقها الرئيس عبد الفتاح السيسي لاجتثاث جذور الإرهاب من كل الأراضي المصرية.
الضربات الموجعة التي أصابت الإرهابيين في مقتل منذ انطلاق العملية الشاملة، وآخرها إبادة الخلية الإرهابية بمنطقة الأميرية خلال الشهر الماضي جعلت الإرهابيين يفقدون صوابهم في إطار محاولتهم الدنيئة لخطف الوطن، فقاموا بارتكاب جريمة غدر جديدة من جرائمهم المشيئة في أيام شهر رمضان المعظم.
مشكلة تلك العصابات الإرهابية أنها فاقدة للعقل والحس الإنساني معاً، وتحولت إلى «كلاب نار مسعورة» لا تفرق بين رمضان وغير رمضان، ولا يشعرون إلا بلذة سفك الدماء وقتل الأبرياء وتدنيس المقدسات.
لو أعطت «كلاب النار المسعورة» تلك لنفسها الفرصة مرة واحدة وأعادت التفكير فيما ترتكبه من جرائم إرهابية لتوقفت على الفور، وأنها ستعي أنها إلى زوال، وأنه إذا سقط شهيد من القوات المسلحة فسوف يظهر ألف بطل جديد، لأن الجيش المصري هو جيش الشعب المصري كله، فهو جيش الــ 100 مليون مصري، وهو الجيش التاسع عالمياً الذي لن يتأثر من قريب أو بعيد بفعل خائن أو عميل أو مجرم.
الجيش المصري هو واحد من أقدم جيوش العالم، ويمتد تاريخه إلى أكثر من 7 آلاف عام منذ عهد الفراعنة، وقد سجل العديد من الانتصارات العظيمة والفتوحات.
ولأن الرئيس عبد الفتاح السيسي قائد عسكري بارع ومواطن مصري يحمل جينات الشعب المصري فقد وضع أمامه مهمة تطوير وتحديث القوات المسلحة المصرية، ونجح في أن يصل بها إلى المركز التاسع عالمياً طبقاً لتصنيف موقع «جلوبال فاير باور» العسكري المتخصص في تصنيف أقوى الجيوش العالمية.
هذا التصنيف وهذه المكانة، التي يحتلها الجيش المصري، هي ما يزعج أهل الشر في الداخل، وعواصم الغدر، في الخارج، ويشارك الطرفان في التآمر والغدر في محاولة للنيل من عزيمة وإصرار الجيش المصري، إلا أن هذه المحاولات تذهب أدراج الرياح بفضل صمود وإيمان أبطال الجيش المصري.
بنظرة بسيطة على شهداء جريمة الغدر الأخيرة في بئر العبد نجد أن كلاً منهم من أسرة مصرية، ومن قرية أو مدينة ضمن محافظات مصر المختلفة.
هم شباب مصر وخيرة أبنائها، وهناك ملايين غيرهم ينتظرون دورهم في الدفاع عن الأرض المصرية، ولا يخشون الشهادة في سبيل الحفاظ على ذرة واحدة من الأرض المصرية.
ربما كان مسلسل الاختيار وقبله فيلم الممر والإقبال الهائل عليهما من جموع الشعب المصري مؤشراً لمكانة الجيش المصري عند المصريين، ومدى ارتباط الشعب بقواته المسلحة، وهو ما أفقد عقل الذئاب المنفردة الباقية من الجماعات الإرهابية فتحاول أن تلفت الانتباه إليها حتى لو كانت عمليات يائسة ومجنونة.
أعتقد أن الشعب المصري يعيش حالة شبيهة بتلك الحالة التي كان يعيشها في العاشر من رمضان عام 1393هجرية، السادس من أكتوبر 1973، حينما كان ملتحماً بقواته المسلحة في حربها ضد العدوان الإسرائيلي.
الحرب على الإرهاب لا تقل خطورة عن مواجهة العدو الخارجي، بل ربما يكون الإرهاب أسوأ بكثير من العدو الخارجي، ولعل ما يحدث في اليمن وسوريا وليبيا والصومال وأفغانستان أكبر دليل على ذلك، بعد أن تحكمت الميليشيات الإرهابية في مقدرات هذه البلاد وحولتها إلى مستنقع للحرب بالوكالة، شردت المواطنين وحولتهم إلى لاجئين مشردين في المخيمات وعلى أبواب وحدود الدول.
لكل ذلك يقف الشعب المصري كله على قلب رجل واحد مع قواته المسلحة الباسلة في حربها على الإرهاب حتى يتم إعلان النصر النهائي على تلك العصابات الإجرامية وتتحقق كل أهداف العملية الشاملة التي تقودها القوات المسلحة والشرطة المصرية ضد العناصر الإرهابية وتقطيع أوصالها وتجفيف منابعها إلى غير رجعة، ويتحقق النصر النهائي كما تحقق نصر العاشر من رمضان السادس من أكتوبر قريباً إن شاء الله.
* كاتب ومحلل سياسي