يختلف تعامل كل إنسان مع أي حدث طارئ وغير متعارف عليه، ويختلف التعامل بمواجهة ذلك الحدث من إنسان إلى آخر، وهذه النظرية تسري على الأشخاص العاديين، أما بالنسبة إلى الأشخاص غير العاديين أو بالنسبة إلى الأشخاص الذين يتولون المهام أو المسؤوليات الجسام.
فالأمر يختلف اختلافاً كلياً، فعلى الأقل هذه النوعية من الشخصيات لديها الخبرة اللازمة والمتراكمة التي تؤهلها للتعامل مع أي طارئ غير عادي، هذا من جانب، أما من جانب آخر فنقول إن تعامل الكثير من المسؤولين ورؤساء الدول في العالم لم يكن على مستوى الحدث!
ونعني به حدث وباء كورونا (كوفيد - 19)، فالكثير من الرؤساء أسهموا بطريقة غير مباشرة في الإضرار بشعوبهم ودولهم من جراء الاستهانة بهذه الجائحة العالمية مثلما حدث مع الولايات المتحدة الأمريكية، إذ تمت الاستهانة بهذه الجائحة في بداية انتشارها في العالم وتجاوز انتشارها العديد من الدول في العالم وبطريقة غير مسبوقة.
وذلك من حيث معدل انتشار الجائحة، فكانت الاستهانة الأمريكية التي تمت هنا مقارنتها بالإنفلونزا الموسمية التي تحدث في الولايات المتحدة كل عام، وأودت في العام الماضي بحياة العشرات الآلاف من الضحايا.
وهذا أمر لا غبار عليه، ولكن «كورونا» لا يمكن مقارنتها بالإنفلونزا الموسمية حسب الرواية الأمريكية، ولكن الأمر الذي يقرر هو معدل انتشار المرض، وهو ما يمكن الاختلاف عليه، ولا يجب إبداء المقارنة فيه، فالإنفلونزا الموسمية لم تغادر المكان الذي ضربت فيه كما حدث مع كورونا! وهنا مكمن الخطر الذي يجب التركيز عليه وتحليله كما يجب.
وبالتالي فإن سوء تقدير هنا قد حدث في أمريكا، وهو الأمر الذي أدى إلى سرعة انتشار الجائحة في هذا البلد بالطريقة التي نراها اليوم عليه مقارنة بالأيام الأولى، أي الأيام التي بدأ فيها «كورونا» بالانتشار في أمريكا! وسوء التقدير هذا أوصل أمريكا إلى أن تصل إلى المراكز الأولى في حدوث حالات الإصابات والوفيات على مستوى العالم، بعد أن كانت في المراكز الأخيرة!
وهو أمر في تقديري يستحق المحاسبة والمراجعة في الخطأ الفادح الذي تم ارتكابه هنا، وطاولت آثار هذا الخطأ الضحايا من الشعب الأمريكي! أعاذنا الله والجميع من شر هذا الوباء.
ومن ناحية أخرى، وضمن السيناريو ذاته، حدث الخطأ نفسه، ولكن بشكل آخر مع المسؤولين في بريطانيا عندما تم اعتماد سياسة مناعة القطيع في مواجهة هذا الوباء العالمي، وعلى الرغم من أنه في تلك الفترة لم يكن قد تم الإعلان عن مستوى وصول «كورونا» إلى مرحلة الوباء عندما لم تقم منظمة الصحة العالمية بإعلانه وباءً!
فإن هذا لا يعفي من المسؤولية، ويجب، بناءً على تقديرنا، المحاسبة والمراجعة لهذا القرار الخاطئ الذي نتج عنه تصاعد وتيرة الوفيات والضحايا بهذا الشكل الذي نراه اليوم! ولسنا في معرض توجيه اللوم الآن، ولكن ما حصل فعلاً أوصل تلك البلاد إلى مراحل كان من الممكن تفاديها! ونسأل المولى، عز وجل، أن يلطف بهم ويزيل الغمة، إنه سميع مجيب.
ومن ناحية أخرى، ونحن في سياق الحديث عن أساليب وطرق المسؤولين في العالم لمواجهة جائحة كورونا العالمية، لا بد لنا هنا من الإشادة والوقوف وقفة اعتزاز وفخر بما قامت به العديد من الدول في الخليج العربي، ومنها دولتا الإمارات العربية المتحدة والكويت، في القرارات والإجراءات التي اتُّخذت في بداية تفشي الجائحة عالمياً.
وفي هذه الدول خصوصاً، وهو الأمر الذي كان له الأثر الإيجابي الكبير في احتواء الجائحة ضمن أقصر الحدود، وقانا الله منها وأزال آثارها في أقرب وقت بإذن الله.
فشكراً لأهلنا وإخواننا وأحبائنا في الإمارات العربية المتحدة والكويت لكل ما قاموا ويقومون به تجاهنا نحن شعوبهم، وتجاه الآخرين من الشعوب والدول الأخرى أيضاً، ونسأل الله أن يحفظ الجميع من هذا الجائح الذي اجتاح العالم بكامله، ونسأل الله أن يبعد الغمة ويزيل الهم، ويحفظ بلاد المسلمين كافة. والله ولي التوفيق.
* كاتب كويتي