دائماً ما تكون الأزمات والكوارث، فرصة لتوحد البشرية والسمو فوق المصالح السياسية. وبعد تفشي فيروس كورنا قدّمت العديد من الدول مساعدات طبية وإنسانية للدول الأخرى، حتى تلك التي تختلف معها سياسياً، إلّا أنّ الرئيس التركي رجب طيب أردوغان الذي ظل يستغل أزمات الشعوب العربية وآخرها مأساة الشعب السوري في ابتزاز أوروبا بقضية الهجرة غير الشرعية، وجد في جائحة كورونا فرصة لدعم الجماعات الإرهابية من خلال استخدام ورقة المساعدات الطبية، لإخفاء إرسال الأسلحة والمرتزقة للميليشيات في أكثر من 20 دولة، وبدلاً من أن تكون المستلزمات الطبية أداة لشفاء المرضى تحولت لقنابل لإزهاق الأرواح، فكيف استغلت تركيا المعدات الطبية لدعم القتلة والإرهابيين؟

وفق مجموعة تقارير للمخابرات الفرنسية، فإن تركيا أرسلت طائرات ادعت أنها تحمل مساعدات طبية إلى 57 جهة في العالم ومنها 22 دولة في أفريقيا، من خلال 20 مكتباً تركياً تنتشر في القارة السمراء، وكانت أكبر عملية مفضوحة لنقل السلاح بدلاً من أجهزة التنفس الصناعي، عندما كشفت مجموعة «العيون الخمس»، أن تركيا أرسلت سبع طائرات عملاقة إلى جنوب أفريقيا، بحجة أنها مساعدات للدول الأفريقية المجاورة، ولكن تأكد بعد ذلك أن طائرة واحدة فقط هي ما تحمل المساعدات الطبية، وأن بقية الطائرات كانت فارغة، وجرى تحميل جميع الطائرات بعد ذلك بالأسلحة التي تنتجها شركة في جنوب أفريقيا، وعادت الطائرات ليس إلى تركيا بل إلى مطار معيتيقة الليبي، وهي تحمل بنادق آلية وأسلحة ما بين خفيفة ومتوسطة.

وشرحت التقارير الدولية كيف بدأت تركيا إرسال الأسلحة والقنابل بدلاً من المساعدات، بعد تفعيل الاتحاد الأوروبي آلية «إيريني» لمراقبة السواحل الليبية، وهي العملية التي رفضتها تركيا والسراج، ولهذا لجأ أردوغان لخدعة «الطائرات الإنسانية» حتى يستمر تمويل وتسليح الجماعات الإرهابية. وتهدف تركيا من دعمها للجماعات الإرهابية، إلى نشر الفوضى وعدم الاستقرار، بما يمهد لوصول الجماعات الإرهابية للحكم، الأمر الذي يسمح لتركيا بالحصول على مكاسب سياسية واقتصادية وفي مقدمتها عقود النفط والغاز، فالمعروف أن تركيا تعتمد نظرية «شد الأطراف» التي تضطر فيها الدول وقت الأزمات إلى التركيز على القلب والعاصمة، وهو ما يسمح للجماعات الإرهابية بالعبث بالأطراف كما هو الحال في أكثر من دولة أفريقية تشتكي من التدخل التركي، وسيناريو مالي وبوركينا فاسو خير مثال على ذلك.