تشير تجارب دول مثل سنغافورة وماليزيا وكوريا الجنوبية، إلى أن تنمية رأس المال البشري تعد من أكبر التحديات التي تواجه العملية التنموية في كل الدول، التي دخلت في سباق مع الزمن، والتي تؤمن بأن الإنسان هو وسيلة التنمية وغايتها، بينما يتفق علماء الاجتماع الإداري على أن التنمية بمفهومها الشمولي، وبأبعادها الاقتصادية والاجتماعية والسياسية والثقافية والبيئية، صارت مطلباً لا غنى عنه، ذلك أن التنمية أصبحت الجسر الذي تعبر من خلاله المجتمعات النامية والناشئة للمضي قدماً لبلوغ الرفاهية الاجتماعية باعتبارها الهدف النهائي للتنمية المستدامة.

ولا يخفى على أي مواطن أو مقيم أن دولة الإمارات استطاعت بفضل قيادة رشيدة وحكيمة، أن تتعدى مرحلة الدول الناشئة للحاق بالدول المتقدمة؛ ومن هذا المنطلق جرى الاهتمام ببناء قدرات الكوادر الوطنية الشابة المتسلّحة بالمعرفة، للعمل في كل المجالات من أجل تحقيق الإسهام الفاعل في مشروعات التنمية المستدامة، واكتساب المزيد من الخبرات العلمية والعملية المتطورة، ويرى المختصون في مجال «استراتيجيات وسياسات التنافسية في دولة الإمارات العربية المتحدة»، أن الإمارات وضمن الاستراتيجية الوطنية للاستعداد للخمسين عاماً المقبلة، تمضي وبرؤية طموحة تستشرف المستقبل، وترسّخ ثقافة التميّز في أن تكون بمقدمة دول العالم في التنافسية وعلى مختلف الأصعدة، بفضل رؤية وتوجيهات القيادة الرشيدة، كما أنها أثبتت تقدمها في مجال التنمية البشرية بتصدّرها ومحافظتها على المركز الأول عربياً ولسنوات عديدة على التوالي في تقرير التنمية البشرية.

إن النهج الذي تسير عليه دولة الإمارات في تنمية الثروة البشرية يحقق معدلات فائقة في مجالات عدة كالصحة والتعليم وجودة الحياة، الأمر الذي يؤدي بدوره إلى تحقيق الغايات المطلوبة لتحقيق التنمية المستدامة بمجالاتها كافة بما ينسجم مع رؤية 2021 ومئوية الإمارات.

ولقد تصدرت دولة الإمارات المركز الأول عربياً في تقرير التنمية البشرية 2020 والصادر عن برنامج الأمم المتحدة الإنمائي، متقدمة في الترتيب العالمي بأربعة مراكز عن تصنيف العام الماضي، لتأتي في المرتبة 31 عالمياً من بين 189 دولة شملها التقرير.

وينظر تقرير التنمية البشرية بشكل متزايد إلى ما هو أبعد من مؤشر التنمية البشرية، حيث ينظر إلى جودة واستدامة التنمية البشرية، إلى جانب كيفية تأثير التفاوتات الاجتماعية والقائمة على النوع الاجتماعي على البلدان، وفقاً للتقرير الذي جاء هذا العام بعنوان: «الحدود التالية للتنمية البشرية والإنسانية» بلغ رصيد الدولة 0.890 درجة متقدمة عن العام الماضي بمقدار 0.024 درجة، وبحسب المؤشّرات الأربعة الرئيسية للتقرير، فقد بلغ رصيد الدولة في مؤشر متوسط العمر المتوقع عند الولادة 78.0 سنة، وهو ما ينضوي تحت الهدف الثالث من أهداف التنمية المستدامة التي اعتمدتها الدول الأعضاء في الأمم المتحدة لخطة التنمية المستدامة لعام 2030، أما رصيدها في مؤشر سنوات الدراسة المتوقعة فبلغ 14.3 سنة، وكذلك بلغ متوسط سنوات الدراسة 12.1 سنة، ويعكسان الهدف الرابع، فيما قدر التقرير حصة الفرد من إجمالي الناتج القومي بـ 67,462 دولاراً والذي يعبر عن الهدف الثامن من أهداف التنمية المستدامة.

إن تصدّر دولة الإمارات المركز الأول عربياً على مدى سنوات عدة، وتقدمها عالمياً سنة تلو الأخرى، إنما يدل على مدى الجهود التي تبذلها حكومتنا الرشيدة في سبيل تحقيق أفضل مستويات الرفاهية لمجتمع دولة الإمارات، والتأكيد على دعم المهارات والكفاءات الوطنية، ليأخذوا مكانهم الطبيعي في قيادة مسيرة النهضة والتنمية لضمان مستقبل واعد ومستدام لأجيال المستقبل.

ومما لا شك فيه أن هذا الإنجاز التنموي المشرف لدولتنا الحبيبة يضعها في قائمة الدول الرائدة في مجال التنمية البشرية، وذلك بفضل وتوفيق من الله سبحانه وتعالى، ثم السياسات الناجحة التي تنتهجها القيادة الرشيدة، حيث كانت ولا تزال قائمة على تنمية الثروة البشرية في الدولة، وتحقيق أعلى معدلات التطور والنمو في مجالات التعليم والصحة وجودة الحياة، بما ينسجم ورؤيتها 2021 الرامية إلى تحقيق التنمية المستدامة في المجالات كافة.

مبارك لشعب الإمارات وقادته وكل مقيم على أرضه، ما وصلت إليه دولة الخير من ريادة تنموية بشرية عالمية مشرفة.