بعد تفشي الوباء حول العالم، عكف العلماء بحثاً وتحليلاً، وفي بوتقة أخرى رأينا المهندسين يبتكرون ويطورون، فالهلع الذي عم البشرية العام الماضي أشعل فتيل الحرب ضد عدو لا يرى بالعين المجردة، فاعتبر التحدي الذي نعيشه من أصعب التحديات التي واجهتها البشرية بعد الحرب العالمية الثانية، وتصدت له الدول بكل ما تملك من موارد، وإمكانات؛ لتكبح الانتشار، وتكافح العدوى؛ وذلك لتأمين المجتمع، والسيطرة على الوضع الصحي. حيث تم توظيف التكنولوجيا الحديثة لزيادة الكفاءة في السيطرة على الوباء، فأصبحت هذه التكنولوجيا، هي السبل التي تقربنا خطوة بخطوة لتقليل الآثار التي خلفتها الجائحة على البشرية بأبعادها المختلفة. 

وكما عهدنا، فالذكاء الاصطناعي، هو التكنولوجيا الواعدة الغنية عن التعريف، فقد تم التنبؤ بخطورة هذا الوباء من قبل البرنامج الكندي المختص بتنبؤ تفشي الأمراض، وتتبع الأوبئة المعدية BlueDot، حيث اعتمد هذا البرنامج على التعليم الآلي واللغات الطبيعية للمعالجة مثل الخوارزميات للتنبؤ، ودعم اتخاذ القرار، والذي أكد على وجود فيروس جديد في مدينة ووهان يستهدف الرئتين، ويؤثر على وظيفتهما، ولعدم الاعتماد على البيانات والتحليلات الناتجة من برامج الذكاء الاصطناعي، ولقلة الأدلة الواقعية، واستبعاد الفرضية المطروحة، أدى الأمر إلى تفشي الوباء حول العالم، وهذا يثبت كفاءة الذكاء الاصطناعي، وعمق تحليلاته المبنية على أسس علمية متضمنة عدة عوامل، مثل: طبيعة المرض وطرق انتشاره. 

يمكن لأدوات الذكاء الاصطناعي أن تساعد في تحديد سلاسل انتقال الفيروسات، ومراقبة الآثار الاقتصادية بشكل واسع. كما أتاحت مؤسسات علمية لوحات معلوماتية تفاعلية تتعقب انتشار الفيروس من خلال الأخبار الحية، والبيانات.

بمحاكاة الذكاء البشري واستيعاب كميات كبيرة من البيانات أصبح بالإمكان تحديد الأنماط والرؤى بطريقة أسرع، ومعالجة البيانات الضخمة بشكل أفضل، حيث تم تعليم ميزات الرئة والتهاباتها للآلات عن طريق الذكاء الاصطناعي، ودرب المطورون الآلات على تصنيف الالتهابات الرئوية عبر عينات من التصوير المقطعي لمجموعة من المرضى وتحديد أنواع الالتهابات المختلفة بخصائصها، مما مكن الآلات من التصنيف التلقائي لأي عينات يمكن إدخالها للنظام، ونجح نظام التعلم العميق في تقسيم المرضى إلى مجموعات عالية الخطورة ومنخفضة المخاطر دون مساعدة بشرية، حيث يوفر التعلم العميق أداة مناسبة للفحص السريع لفيروس كورونا والعثور على المرضى المحتملين المعرضين لمخاطر عالية.

ومن التطبيقات الشائعة للذكاء الاصطناعي، نظام الدردشة الآلي الذي يعزز تجربة العملاء في مختلف القطاعات الحيوية، ويسمح للعميل بالتواصل مع المؤسسة في أي وقت، والرد على استفساراتهم في الوقت ذاته، ويعد الطبيب الافتراضي أحد التطبيقات المشابهة للدردشة الآلية، والتي يتم بها تقييم الحالة وفقاً للأعراض التي يواجهها المريض، وتعد دولة الإمارات العربية المتحدة إحدى الدول المطبقة لهذا التقنية الحديثة؛ بغية تخفيف الضغط على الكادر الطبي في حال عدم التعرض لأعراض خطيرة مهددة بالحياة، وليست بديلاً عن استشارة الطاقم الطبي المختص، حيث يعتبر التشخيص السريع المبني على أسس طبية علمية إحدى الأدوات الفعالة للحد من الانتشار. 

استخدم التعلم الآلي للمساعدة في استنباط العلاقات السياقية بين الجينات والأمراض والأدوية، أدى إلى اقتراح عدد محدد من المركبات الدوائية، مما عكس أهمية الذكاء الاصطناعي في تسهيل اكتشاف علاجات جديدة، بالإضافة إلى ذلك يمكن للتعلم الآلي من تشخيص الأمراض، وتحديد جهات الاتصال للمرضى؛ لحصر الحالات التي كانت على اتصال مباشر مع الإصابات المؤكدة. 

كما ساهم استخدام كاميرات المراقبة الحرارية في تحديد الأفراد الذين يشتبه بإصابتهم بالفيروس، وبذلك قل عدد الحالات عبر المراقبة الحرارية لمرتادي المؤسسات، والمراكز التجارية. 

علاوة على ذلك، تم استخدام الروبوتات، والطائرات بدون طيار؛ للاستجابة السريعة والفورية المستشفيات. 

مع كل هذه الإنجازات التي حصدها الذكاء الاصطناعي، لا تزال هناك بعض التحديات التي يواجهها العلماء، فعلى سبيل المثال، في الوقت الحالي لا يمكن أن يحل الذكاء الاصطناعي محل الدماغ البشري، والأطباء، والممرضات، والخبراء الطبيين، ومع ذلك، نحتاج إلى استكشاف وتطوير قدرات الذكاء الاصطناعي للوقاية من الأوبئة، ومكافحتها؛ ليتم الاعتماد عليه جنباً إلى جنب العنصر البشري للرفع من أدائه، وقدراته؛ ليصبح أكثر كفاءة وفاعلية.