تمثل المرحلة المقبلة للاقتصاد الصناعي الإماراتي افتتاحية مشرقة لأبواب الاستثمارات الصناعية على الصعيدين المحلي والدولي، وستفضي بكل تأكيد إلى ضمان الأمن الصناعي الاستراتيجي للإمارات من جهة، وتعزيز عناصر القوة المتمثلة بالابتكار والتكنولوجيا المتقدمة وتطبيقات الثورة الصناعية الرابعة.
وتقدم دولة الإمارات نموذجاً حيوياً، في مجال الاستثمارات المختلفة، بما في ذلك الاستثمارات الصناعية، وهي فعلياً بيئة حاضنة لهذه الاستثمارات، وتتمتع بجاذبية كبيرة للاستثمارات الجديدة، وخصوصاً، أن بيئة الأعمال الإماراتية تتسم بمعايير وتنافسية عالية من ناحية الشفافية، وسيادة القانون، وقدرة الاقتصاد الإماراتي على الازدهار، في ظل حالة من الاستقرار، راكمت أساساً نجاحات كبرى على صعيد القطاع الصناعي، ومن بينها وجود أكثر من 21 منطقة صناعية حرة متكاملة في الدولة.
وتستمر خطى الإمارات الحثيثة والرائدة في بلورة ملامح «أجندة التنمية المستدامة» من خلال إطلاقها الخطط الخاصة بتطوير الصناعة بهدف تعزيز دور هذه الأخيرة في الاقتصاد الوطني من خلال استراتيجية مستقبلية هدفها التأسيس لبناء قاعدة اقتصادية عالمية ذات قدرات تنافسية عالية، وهذه الخطوات العملاقة تمثلت في ما أعلنه صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم، نائب رئيس الدولة، رئيس مجلس الوزراء، حاكم دبي، رعاه الله، مؤخراً وأطلق عليه «Operation 300bn» «مشروع 300 مليار» تحفيزاً للقطاع الصناعي ليكون رافداً أساسياً من روافد منظومة الاقتصاد الوطني.
ويفصح إطلاق هذه الاستراتيجية في هذا التوقيت بالذات عن نقاط القوة الاقتصادية التي تتمتع بها دولة الإمارات، فرغم الظروف الاستثنائية التي يمر بها العالم اليوم، إلا أن الدولة عدت هذه المحنة العالمية منحة لرؤية البدائل الأجدى، ولعلها كانت فرصة عظيمة لإدراك أهمية التحول من الاقتصاد القائم على الموارد النفطية، إلى موارد جديدة تقوم على الاقتصاد الصناعي.
وتتمثل المقومات الرئيسة التي تضمن نجاح دولة الإمارات في اقتصادها الصناعي آنياً ومستقبلاً بتوافر بنية تحتية متطورة، بيئة تشريعية قوية، معدلات أمن وأمان هي الأعلى في العالم، موقع جغرافي استراتيجي للدولة، شبكات نقل وخدمات لوجستية وفقاً للمعايير الدولية تعزز سهولة تصدير منتجاتها الصناعية، مناطق حرة وموانئ متنوعة ومن الأكبر في العالم، محفزات التصنيع من مواد خام عالية الكفاءة، توافر العمالة الماهرة، نسب منخفضة من الضرائب، فضلاً عن القوة التي يمتاز بها القطاع المالي من ناحية توافر السيولة وتسهيل سبل التمويل.
لقد أثبتت الإمارات منذ سنوات طويلة في مشوار الاقتصاد الصناعي، قدرتها وكفاءتها العالية في زيادة الإنتاج وزيادة التصدير، اللذين يعدان أهم مؤشرات ومقاييس القوة الصناعية لدى الدول، فحققت بذلك مكانة مرموقة لها بين الدول الصناعية الكبرى، كالصين واليابان وألمانيا والولايات المتحدة من خلال وصول منتجاتها الصناعية إلى مختلف دول العالم، وقد بلغت صادرات المنتجات المصنعة داخل دولة الإمارات والتي وصلت إلى أكثر من 170 سوقاً حول العالم، ما يقارب 62 مليار درهم في النصف الأول من عام 2020، وفق مؤشرات وتقارير عالمية رسمية.
أخيراً يمكن القول إن دولة الإمارات قد حجزت لنفسها مكانة مرموقة بين الدول الصناعية الكبرى، من خلال اهتمامها بالبنية التحتية الصناعية، وإنشاء المناطق الصناعية، وتذليل العقبات التي تقف حائلاً دون تقدم القطاع الصناعي من تسهيلات وتشريعات، والنتيجة كانت لذلك هي نجاح الإمارات في جذب العديد من الاستثمارات العالمية، لتصبح الوجهة المفضلة للمستثمرين في منطقة الشرق الأوسط وشمالي أفريقيا. وللحديث بقية.