تعد إدارة الأداء في المؤسسات بمجالاتها المختلفة عملية مستمرة؛ لقياس وتطوير أداء الأفراد ومجموعات العمل ومواءمة الأداء مع الأهداف الاستراتيجية للمؤسسة، بالإضافة إلى كونه أمراً بالغ الأهمية للبنية التحتية لأي مؤسسة، حيث إنه يحفز نمو المواهب في القوى العاملة في المؤسسة، ويسمح بالتقييم المستمر، ويساعد على تحقيق الأهداف الاستراتيجية إلى جانب ذلك، فهو يساعد على تحقيق التوافق بين قدرات الموظفين، وأهداف المؤسسة، ويعزز من كفاءة النظام، وبالتالي تمكينه من مواجهة الأزمة والتعافي من آثارها بصورة أسرع.
مع انتشار الجائحة بدأت المؤسسات بتقليص إدارة الأداء أو حتى التخلي عنه في كيانات معينة، وهذا لعدم إدراكها بأهمية إدارة الأداء في أوقات الأزمات ولقلة الأدوات المطروحة والتجارب السابقة. يشك الكثيرون فيما إذا كانت إدارة الأداء لا تزال ذات صلة في الوضع الحالي مع التغيرات الاجتماعية والاقتصادية للوباء، فتغيرت الأولويات والتوجهات الاستراتيجية، وأصبحت المهام الوظيفية خارجة عن سيطرة الموظفين، ولم يعد التقييم القائم على الإيرادات مناسباً وملائماً.
لقد أعاقت محاولات البقاء توفير زيادات في الأجور على أساس الأداء للموظفين، مما أدى إلى غياب الحافز التشجيعي الذي كان دافعاً للعمل الجاد والمحافظ على الأداء المرتفع، ومع عدم وجود طريقة عملية لتقييم أداء الموظفين عن بعد، بدت إدارة الأداء غير مجدية للمؤسسات وقادتها.
لذا سعى الباحثون والمتخصصون في إدارة الموارد البشرية إلى ابتكار أداة فعالة، سُميت بنقاط الترويج للأداء (PPS) Performance Promoter Score، التي تم تطويرها من خلال التوسع والاستقراء على صافي نقاط الترويج (NPS) Net Promoter Score الراسخ منذ فترة طويلة. تستخدم الأداة ثلاثة أسئلة مختلفة، أحدها متدرج واثنان مفتوحان، تدعم الأداة التقييم للمؤسسة ككل وللأفراد العاملين، حيث تتيح إجراء تقييم أكثر شمولية يعتمد على أداء الموظف بشكل أساس مع بعض الخصائص المضافة مثل المرونة والتطبيق العملي اللذين يتضمنان البعد السياقي لمفهوم الأداء.
فيما يلي الأسئلة بالترتيب: ما مدى احتمالية أن توصي بالعمل مع [اسم الفرد أو مجموعة العمل أو الوحدة] لصديق أو زميل؟ ويلحق هذا السؤال مقياس من 10 نقاط. أما السؤالان المفتوحان فهما كالآتي: ما هي أسباب منحه التقييم السابق؟ ما الذي يتطلبه الأمر لرفع النتيجة بنقطة واحدة فقط؟
تعد أداة نقاط ترويج الأداء من الأدوات المرنة في الوقت الحالي، حيث تعالج التحديات المرتبطة بقياس الأداء بعدة طرق، فخلال أوقات الأزمات، تصبح واجبات وظيفية معينة ذات مرونة استجابة للتغيرات في البيئة نظراً لكون نقاط ترويج الأداء لا تدخل في التفاصيل الفنية الضيقة للوظيفة أو مؤشرات الأداء الرئيسية المحددة (KPIs)، فيمكن استخدامها في أي ظرف من الظروف ولأي نوع من الوظائف. وهي من الأدوات العملية ولا يستغرق المقيمون أكثر من 15 ثانية لتقديم درجة ولا يزيد على 5 دقائق للرد على السؤالين المفتوحين.
يتم جمع التقييمات من مصادر متعددة، على سبيل المثال، الموظفون أنفسهم والمشرفون والأقران والتقارير المباشرة والشركاء والموردون والعملاء، أي كل من كان على تواصل أو تعامل مع الموظف للحصول على صورة متكاملة، تستخدم التقييمات في تحسين أداء الموظف وليس لاتخاذ القرارات الإدارية فحسب، فهي أحد أهم المعطيات للإجراءات التنموية للمؤسسة للتخطيط الأمثل لبرامج التدريب وتعزيز التواصل بين أفراد المؤسسة بمختلف فئاتهم الوظيفية.
في الوقت الراهن، ومع التقلبات في الأوضاع الاقتصادية، والتحديات التي تواجهها المجتمعات، لم تعد الأهداف طويلة المدى فعالة في البيئة المتغيرة، فالعالم يشهد تغيرات سريعة تتطلب مرونة فائقة وسرعة في الاستجابة، والأهداف قصيرة المدى هي التوجه العالمي لرسم اتجاه المؤسسات في الأوقات الراهنة. رشاقة المؤسسات أصبحت تقاس بقدرتها على التكيف في الأوقات الصعبة وتقليل الأضرار الناجمة عن الأزمات، بالجدة والابتكار يمكن للمؤسسات خلق فرص من الأزمات عبر استثمار رأس المال البشري وإدارته بأفضل صورة.