تستعيد العاصمة الإماراتية أبوظبي، رونقها الثقافي، مع افتتاح فعاليات الدورة الـ 30 من معرض أبوظبي الدولي للكتاب، التي تعقد في مركز أبوظبي الوطني للمعارض، تحت رعاية كريمة من صاحب السمو الشيخ محمد بن زايد آل نهيان ولي عهد أبوظبي نائب القائد الأعلى للقوات المسلحة، بعد أن حالت جائحة «كورونا» دون تنظيم هذه التظاهرة الثقافية خلال العام الماضي.

قيمة الحدث وأهميته تتسع، لتشمل الكثير من المعاني والدلالات المهمة، فلم يعد خافياً على أحد، المكانة المهمة التي أصبح يتمتع بها معرض أبوظبي الدولي للكتاب، باعتباره واحداً من أهم معارض الكتاب في المنطقة العربية والعالم، إذ بات يشكل وجهة رئيسة لأبرز دور النشر العربية والإقليمية والدولية، وتشهد دورة هذا العام، مشاركة أكثر من 800 عارض من أكثر من 46 دولة من جميع قارات العالم، بالرغم من استمرار القيود التي تفرضها جائحة «كورونا» حول العالم، في أكبر دليل على الثقة التي بات يحظى بها هذا المعرض لدى دور النشر العربية والعالمية.

وتشهد دورات المعرض، العديد من الفعاليات الثقافية، من حوارات ثقافية، ومنصات يتم خلالها تبادل الرؤى والأفكار بين مختلف الباحثين والمفكرين من المنطقة والعالم، كما يقام على هامش المعرض، احتفال توزيع جوائز الفائزين بجائزة الشيخ زايد للكتاب، وهي من أغلى وأقيم جوائز الكتاب في العالم كله، وباتت تحظى بقيمة ومكانة عربية وعالمية كبيرة، وكل ذلك يجعل من المعرض تظاهرة ثقافية رائدة عربياً وعالمياً.

ويمثل المعرض أحد وجوه ريادة الإمارات الثقافية، حيث تحولت الدولة خلال السنوات الماضية، إلى مركز ثقافي إقليمي، مع تزايد الاهتمام الذي توليه قيادتنا الرشيدة للثقافة، باعتبارها جسر التواصل بين الشعوب، وتحقيق التعايش المشترك، ومؤشرات ذلك كثيرة، وأكبر من أن تحصى، فإضافة إلى معرض أبوظبي للكتاب، هناك أيضاً معرض الشارقة الدولي للكتاب، الذي لا يقل أهمية ومكانة في قيمته الثقافية، وهناك مشروعات الترجمة الرائدة، التي تستهدف نقل المعارف بين اللغات المختلفة، لا سيما مشروع «كلمة»، وهناك المتاحف العالمية التي تستضيف الدولة فروعها، مثل متحف اللوفر أبوظبي، ومتحف جوجنهايم، فضلاً عن فروع الجامعات العالمية، مثل جامعة السوروبون وجامعة نيويورك، والمهرجانات الثقافية والتراثية، وغيرها من المظاهر التي تثبت أن الإمارات باتت تمثل ملتقى لثقافات العالم.

الأمر الآخر الذي يؤكده هذا المعرض وغيره من الفعاليات المهمة الأخرى، التي استضافتها الدولة على أرض الواقع مؤخراً، مثل معرض الشارقة الدولي للكتاب في نوفمبر الماضي، والاجتماع الدولي التحضيري لمعرض «إكسبو 2020 دبي»، هو أن الدولة دخلت طريق التعافي الكامل من جائحة «كورونا»، لتكون من أسرع بلدان العالم التي تبدأ في التعافي من هذه الجائحة، وهو تأكيد على سلامة الرؤية والنهج الذي اتبعته الدولة في مواجهة هذا الوباء. وتمثل المشاركة الدولية الواسعة في معرض أبوظبي للكتاب، تأكيداً جديداً على الثقة الدولية في دولة الإمارات، وقدرتها على تنظيم الفعاليات الدولية، في ظل أجواء آمنة وصحية، وبدرجة عالية من الكفاءة والفعالية.

لقد كانت أرض المعارض في أبوظبي، التي تستضيف فعاليات معرض أبوظبي للكتاب، شاهداً على الجهود الجبارة التي قامت بها الدولة في مجال محاصرة الوباء وتحجيمه، وتقديم الرعاية الصحية للمصابين به، لتعود من جديد للتحول إلى منصة لأكبر التظاهرات الثقافية في المنطقة والعالم، لتؤكد أن دولة الإمارات لا تعرف المستحيل، وأن مسيرتها التنموية، وريادتها الثقافية، لن يعوقها شيء، أمام إصرار وحكمة قيادتها الرشيدة.

* كاتبة إماراتية