لم يعد يخفى على أحد التداعيات المستقبلية الخطيرة للأزمة البيئية، ما يجعل قضايا الاستدامة والمحافظة على البيئة تستأثر باهتمامٍ عالمي بالغ.



ونحن، في دولة الإمارات العربية المتحدة نعمل اليوم على تحقيق الاستدامة البيئية في إطار تشريعي وتنظيمي يساعد في المحافظة على الموارد الطبيعية ويحظر أي فعاليات تشكل تهديداً عليها مستلهمين من حكمة الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان، طيب الله ثراه، الذي أرسى دعائم التنمية المتوازنة إيماناً منه بأهمية الحفاظ على البيئة باعتبارها أمانة، في قوله: نحن مسؤولون عن الاهتمام ببيئتنا والحياة البرية، وواجب علينا الوفاء لأسلافنا وأحفادنا على حد سواء. فقطعت دولتنا شوطاً مهماً على مدى العقود القليلة الماضية في رصد جملة من المشاكل التي تواجه البيئة وفي البحث عن طرق ناجعة للحد من الهدر واستنزاف الموارد.



ومن هذا المنطلق، تكتسب الاستدامة أهمية بالغة في إطار الأجندة الوطنية لرؤية الإمارات 2021 التي تمثل خارطة طريق لترجمة الرؤية الاستشرافية لصاحب السمو الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم، نائب رئيس الدولة رئيس مجلس الوزراء حاكم دبي، رعاه الله، في قوله: نعمل لترسيخ أسس الاستدامة بوصفها مكوناً رئيسياً من مكونات مسيرتنا التنموية.



هذه الرؤية، رسمت ملامح مسارات التنمية المستدامة، وفق محددات رئيسية للعمل على ضمان جودة الهواء والمحافظة على الموارد المائية، مع تكثيف الجهود لزيادة الاعتماد على الطاقة النظيفة وتحسين كفاءة الطاقة واستخدام المصادر المتجددة وتبني تطبيقات التنمية الخضراء والممارسات المسؤولة بيئياً، وصولاً إلى اقتصاد أخضر قائم على المعرفة والابتكار والتكنولوجيا.



وتعززت ريادة الإمارات البيئية عالمياً مع إطلاق حزمة واسعة من المشاريع الطموحة في مجال الطاقة الشمسية والمتجددة، بما فيها «مدينة دبي المستدامة» و«مدينة مصدر» و«مجمع محمد بن راشد للطاقة الشمسية» الذي يعد أكبر مشروع للطاقة الشمسية في موقع واحد على مستوى العالم. وتمهد هذه المشاريع مجتمعةً الطريق أمام مرحلة جديدة، لا سيّما في ظل الاستعدادات الجارية للأعوام الـ50 المقبلة وفق نهج قائم على ضمان استدامة التنمية لأجيال المستقبل، ومواصلة مسيرة التقدم والنماء لجعل الإمارات الأفضل في جودة الحياة على مستوى العالم.



جهود الإمارات السباقة في تعزيز الأمن البيئي، توجت بتصدر المشهد البيئي العالمي خلال عام 2020 في 8 مؤشرات متعلقة بالعمل البيئي، في حين تربّعت على المركز الأول إقليمياً في 19 مؤشراً. هذه المكتسبات لم تأت من فراغ، وإنما نتاج المساعي الحكومية لتطوير البنى التحتية الداعمة لإطلاق المبادرات والمشاريع الساعية لتوفير بيئة آمنة ونظيفة، إلى جانب دعم وتأييد ذوي العلم والالتزام بهذه القضايا والعمل على غرس المعرفة بعلوم الطبيعة لدى الشباب وجذبهم لمزيد من المساهمات لصالح هذه القضية الملّحة.



ومما لا شك فيه بأن دولتنا نجحت في تعزيز مقومات التنمية البيئية المستدامة، مدعومةً باستراتيجيات متكاملة أبرزها «استراتيجية الإمارات للتنمية الخضراء» التي تستهدف تحويل الاقتصاد الوطني إلى اقتصاد أخضر منخفض الكربون، يعتمد بصورة أساسية على التقنيات الحديثة والمعرفة والابتكار.



ومع إيماننا بضرورة تكاتف الجهود الدولية والإقليمية لمواجهة التداعيات المحتملة، فإننا من ماضون في دعم التوجه الوطني في الحفاظ على البيئة باعتبارها ثروتنا الطبيعية التي نعتز بها، مجددين العزم على توطيد جسور التواصل مع الشركاء من القطاعين الحكومي والخاص لتنفيذ مبادرات مبتكرة تصب في خدمة التطلعات لتحقيق أعلى مستويات الاستدامة، آملين أن نجعل من الأرض بيئة تستطيع الأجيال القادمة أن تعيش فيه بظروف معيشية مستقرة ونساهم بصنع غدٍ آمنٍ للجميع.

 

* المدير التنفيذي لورشة حكومة دبي