تعكس مبادرة سمو الشيخ حمدان بن محمد بن راشد آل مكتوم ولي عهد دبي، رئيس المجلس التنفيذي، المتمثلة بإصدار سموه توجيهات لمؤسسة الإسكان، بأن تتيح لأبناء الأسر تبادل الأراضي الممنوحة لهم من الحكومة، الرؤية الثاقبة لسموه، وتفكيره الاستراتيجي، مجسدة حرص سموه الكبير على مجتمعه، والعمل على العودة إلى ما كانت عليه العائلات من تقارب قبل عقود من الزمن.

وعلى ما كانت عليه حال هذه المدينة العربية العريقة قديماً، إذ كان التواصل بين أفراد الأسرة الممتدة دائماً ومستمراً، حيث كانت الأسرة تعيش في غرف في فناء واحد، أو في منازل متجاورة.

حيث يجتمع أبناؤها في مكان واحد لتناول الوجبات. فكان البيت (العود) أي الكبير، يحتضن الجد والجدة وأولادهم وأحفادهم، يضمهم جميعاً، وغالباً ما يكون الأب والأم والأولاد في غرفة واحدة، وبيوت باقي العائلة ليست ببعيدة، ما عزز بنى الترابط والتماسك والتراحم بينهم، وأدام الود والمحبة، وتربت الأجيال على القيم المتوارثة والتواصل الدائم.

وكانت الأحياء تعرف بأسماء العائلات، فكانت كل عشيرة تسكن متقاربة في فريج واحد، يطلق عليه اسمها، حتى إذا ما جاء غريب يسأل عن أحد ما، يتم تعريفه بمكان إقامته، بمجرد ذكره لاسم العائلة التي ينتمي إليها.

ثم مرت مرحلة أخذ الناس فيها يعيشون في مناطق مختلفة، ما أدى إلى تباعد الأسر، فالعائلة المكونة من خمسة أولاد مثلاً، وكانت تسكن في بيت واحد، منح كل ولد فيها قطعة أرض بمنطقة بعيدة عن الأخرى، وهو ما أثر في اللحمة الأسرية، وأصبح التواصل والتزاور بين أفراد الأسرة الواحدة في المناسبات فقط، والسعداء من أبناء العائلات، من يجتمعون كل أسبوع يوماً واحداً عند الأب أو الأم، ما داما على قيد الحياة، وبعضهم يكتفي بالمكالمات الهاتفية، أو بالرسائل النصية.

لقد نشأ لدينا جيل لا يتعارف الأقارب مع أقاربهم، يلتقي أبناء العمومة والخؤولة، فلا يعرف بعضهم بعضاً.

إنها بحق، لتوجيهات سامية من سمو الشيخ حمدان بن محمد بن راشد آل مكتوم ولي عهد دبي، تعكس بعد نظره وحرصه الكبير. نقدم لسموه الشكر والثناء الدائم عليها. وقد يكون من المناسب، في حال تقدم أحد بطلب أراضٍ لأولاده، أن تخصص لهم مساحة كبيرة، تضم جميع الأولاد، حتى الصغار منهم، لأنهم حتماً سيكبرون، وسيحتاجون لمنازل.

 

* رئيس مجلس إدارة ندوة الثقافة والعلوم في دبي