صحيح أنها ليست المرة الأولى التي تنال فيها دولة الإمارات العضوية في مجلس حقوق الإنسان، لكن في تصوري أنها أهم المرات الثلاث. فهذه العضوية أتت في عام استثنائي، هو عام الخمسين، ولها دلالات عدة، فقد تحققت بعد نحو شهر واحد من قرار البرلمان الأوروبي الذي انتقد فيه سجل حقوق الإنسان في الإمارات! وهو القرار الذي رفضته الإمارات في حينه.



ولسنا بصدد بيان تجنّي ذلك القرار على سيادة الإمارات وخصوصية بعض تشريعاتها المنسجمة مع ثوابتها الدينية والوطنية، لدرجة أن الكثير من المراقبين المنصفين، والهيئات المعتبرة، وصفته بأنه مُسيّس بامتياز، بل ويفتقد أدنى درجات المصداقية.



جاء القرار الأخير للجمعية العامة ليؤكد ثقة المجتمع الدولي في دولة الإمارات العربية المتحدة باعتبارها مثالاً يُحتذى في المنطقة والعالم. ليس فقط في مجال التنمية الشاملة التي تقودها بجدارة وتميز، بل وحتى في تشريعاتها وممارساتها المتعلقة بالإنسان، كرامته، ومعيشته، وسعادته، ورفاهيته. وهي كلها مسائل ضرورية للعيش الكريم والحياة المستقرة. ولعل التقارير الصادرة عن المنظمات الدولية المعتمدة تظهر بجلاء ترتيب الدولة المتقدم بين دول العالم في مؤشرات السعادة وجودة الحياة.





جاء هذا القرار كذلك، ليرسخ مكانة الدولة الصاعدة في الهيئات الأممية، وبعد أشهر قليلة على انتخابها وللمرة الأولى لعضوية مجلس الأمن للفترة 2022- 2023. وهي بلا شك، مكانة تعكس ثقة المجتمع الدولي بهيئاته ومؤسساته في المنظومة الرائدة لدولة الإمارات. وقد تحققت هذه المكانة بفضل الدعم الكبير من قيادتنا الرشيدة وجهود سواعد أبناء هذا الوطن وبناته.



يجدر أن نذكر في هذا السياق، أن حقوق الإنسان في الإمارات بمفهومها الواسع، ثقافة بناها الآباء المؤسسون، وأرسى دعائمها المغفور له الوالد المؤسس الشيخ زايد، طيّب الله ثراه. وسار على النهج ذاته قادتنا من بعده. وهو نهج قائم على التمكين لتلك الثقافة المنفتحة على العالم، المعتزة بخصوصيتها الدينية والوطنية. فالإمارات موطن للتعايش في أجمل صوره، وموطن للتسامح بعيداً عن الكراهية والتفرقة بين بني البشر. ومما يؤكد ذلك، أن دولة الإمارات من الدول القليلة جداً على مستوى العالم التي سنّت تشريعات تُجرّم خطاب التحريض على الكراهية والتمييز. وهي أول دولة، بل والوحيدة على مستوى العالم التي أنشأت وزارة معنية بالتعايش والتسامح، وهي خطوة تعكس ثبات النهج الإنساني ورسوخه في كيان هذه الدولة.



ومن خلال تجربتي الشخصية، فقد حظيت بالعمل ضمن الفريق الوزاري لصاحب السمو الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم، رعاه الله، وكانت حقوق الإنسان، من مكافحة الاتجار بالبشر، وحقوق العمال، وتمكين المرأة، وتعزيز الحريات الدينية في صلب اهتمامات قيادتنا وعلى رأس أجندتها وفي مقدمة أولوياتها. وقد كانت تلك الجهود الحثيثة في تعزيز التشريعات وتطويرها وتحسين الممارسات، المتعلقة بالعمال، وحقوقهم المالية وظروفهم المعيشية محل تقدير المنظمات الحقوقية العالمية، وقد لمست ذلك من خلال عملي رئيساً لمركز حقوق الإنسان والحوار العالمي في المقر الأوروبي للأمم المتحدة، مدينة جنيف السويسرية. نبارك لدولة الإمارات هذا المُنجز الحضاري الجديد في عامها الخمسين، متفائلين في الوقت نفسه بمستقبل أكثر إشراقاً لهذا الوطن العزيز وللإنسانية جمعاء.



* رئيس مركز جنيف لحقوق الإنسان والحوار العالمي منذ العام 2014، وزير سابق، وأكاديمي، وكان مديراً لجامعة زايد.