بعد أيام تكمل دولة الإمارات العربية المتحدة خمسين عاماً منذ تأسيسها، ولتبدأ رحلة بعيدة وواثقة للمستقبل بخمسين عاماً أخرى، تكمل بها مئويتها الأولى، وهي الخمسين التي تم التخطيط لها منذ سنين، وحِرص قيادتها الرشيدة على وضع الخطط والبرامج والمبادرات، التي تحقق الإمارات خلالها ما تصبو إليه من غايات على الصعيد الوطني والإقليمي والدولي، ولأنها الإمارات فقد وضعت استراتيجية شاملة للمضي بالدولة خلال الخمسين عاماً المقبلة، سواء على الصعيد العلمي والمعرفي، الذي هو أساس التنمية والتطور، أو على الصعيد الاقتصادي والاستثماري، الذي يكفل ضمانة المضي في الاستراتيجية بنجاح، وغيرها من الأبعاد والمجالات الحيوية والاستراتيجية، التي تهدف في النهاية إلى تحقيق الازدهار والتنمية، التي تستهدفها الإمارات لشعبها والريادة العالمية، التي تحرص على تحقيقها.
عند التأسيس قبل 50 عاماً، وتحديداً في العام 1971 كانت التطلعات أكبر من الإمكانيات، والنوايا الصادقة والطيبة هي المطية التي اعتمرها القادة الكبار، لتحقيق خير ومستقبل أرض وشعب هذه البلاد، لم يكن الاقتصاد دافعاً، ولا التعليم رافداً، والتنمية كانت حلماً يتراءى من بعيد في الأفق، وتحوّل دونه الكثير من الصعاب الكبار والتحديات الجسام، وبدأت الدولة في مسيرتها الخيرة، التي أبهرت العالم بنهضتها من هناك، فخمسون عاماً فترة لا تعد في تاريخ الدول والشعوب، قدمت خلالها الإمارات تجربة مبهرة، وتجاوزت فيها كل الرؤى والتصورات التي خيلت عند التأسيس بعيدة، ولتقف الإمارات اليوم إحدى الدول المحورية في العالم، تتبوأ المكانة العالية، وتتصدر المؤشرات العالمية، دولة لا تعرف المستحيل، وتأبى إلا أن تكون في القمة.
قبل خمسين عاماً، كثر كانوا يشككون في قدرة الإمارات على تحقيق رؤى قادتها، وتطلعات شعبها، وحدهم القادة المؤسسون كانوا يرون المستقبل في أفقه البعيد، تحدوا أنفسهم برهانات عظيمة، وتصدوا لجملة الصعاب وحزم المعوقات، وساروا في طريق البناء والتكامل، عملوا بلا تعب واجتهدوا بلا كلل، تغلبوا على الصعاب وتجاوزوا كل التحديات، رسموا الطريق فكان واضحاً، واستحثوا الخطى فكانت طوّاعة ومطيعة، أحسنوا لله النوايا واستهدفوا خير الإنسان، فوهبهم الله من خيرات الأرض «جلها»، وأسبغ عليهم من فضله «أسماه»، فتجاوزوا خلال الخمسين عاماً ما عجزت عن تحقيقه دول كبرى خلال قرون من الزمان، فعلى الأرض كانوا علماً، وفي السماء كانوا معلماً، أينما تأخذك المسافات تجد الإمارات اسماً وصرحاً، وإذا أطلقت عنانك في السماء فستجد الإمارات في صدارة الدول، التي شقت طريقها للفضاء بمشاريع وبعثات علمية ومعرفية، تعزز الجهود العلمية والإنسانية، التي تسعى لسبر أغوار الفضاء لتحقيق الخير للعالم.
بعد أيام سوف تكشف الإمارات للعالم عن مضامين رحلتها للخمسين عاماً المقبلة، والفرق كبير بين الثاني من ديسمبر 2021 والثاني من ديسمبر قبل خمسين عاماً، فنجاح الإمارات في رحلتها الأولى عززت ضمانة الانطلاق للخمسين المقبلة، العالم كله يترقب رحلة الإمارات في خمسينها المقبلة، فجميع الأحداث والأسس قد تغيرت، تنطلق الإمارات الآن وهي في صدارة العالم، فهي في مقدمة الدول في الاقتصاد والتنمية والاستثمار، وتمتلك أفضل الجامعات والمؤسسات التعليمية، وأرقى مراكز البحوث والدراسات العلمية والاستراتيجية، وقبل كل ذلك تمتلك الإنسان الذي راهنت عليه منذ البداية، فوفرت له كل سبل العلم والمعرفة، لتعزيز معارفه وقدراته وإمكانياته، ووهبها الولاء المطلق، وحقق لها التمييز والتفرد العالمي، وسوف نترقب جميعاً تلك الرحلة، التي يعبر القادة خلالها الزمن، حاملين معهم الوطن والمواطن، وليكملوا مسيرة الآباء، الذين عبروا خلالها مسيرة التحدي، وحققوا الإنجاز للوطن والمواطن، رحلة سوف تحمل كما كانت دائماً، الخير والسلام والتنمية للإنسانية، وتستهدف الإنسان، الذي هو محور التنمية وعصبها في دولة طوعت الصعاب، وتحدت المستحيل وحققت الإنجاز، وليصدق فيها قول أبو تمام «إن الهلال إذا رأيت نموه، أدركت أنه سيكون بدراً كاملا».
حفظ الله الإمارات شعباً وقيادة، وكل عام والإمارات تنعم بالخير والسلام.