قبل أيام احتفى العالم باليوم العالمي لحقوق الإنسان، الذي يصادف العاشر من ديسمبر، وهو اليوم الذي اعتمدت فيه الأمم المتحدة الإعلان العالمي لحقوق الإنسان في العام 1948، وقد اختارت الأمم المتحدة «كلنا بشر، كلنا متساوون» عنواناً لهذا العام لإعلاء قيمة المساواة، والحد من التفاوت التي نصت عليها المادة الأولى من الإعلان، والدفع قدماً بتعزيز النهج القائم على حقوق الإنسان لتحقيق التنمية.

وقد عبر كل من الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريس والمفوضة السامية لحقوق الإنسان ميشيل باشيليت عن انشغالاتهم، التي تمحورت حول قضايا التنمية الإنسانية المشتركة، والحق في الحياة والصحة والتعليم والعمل والبيئة والاستدامة، وضرورة القضاء على الفقر وعدم المساواة وتحقيق الحياة الكريمة، وتعزيز القدرات الدولية لمواجهة الأزمات، إضافة إلى تسخير كافة القدرات والموارد والتقنيات، لضمان تمتع الجميع بحقوقهم المدنية والسياسية والاقتصادية والثقافية والاجتماعية.

وفي تجربة تعبر عن توقد فكر وإبداع صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم نائب رئيس الدولة رئيس مجلس الوزراء حاكم دبي، رعاه الله، الذي عالج كل تلك المشاغل الدولية، وسعى إلى استجلاء تحدياتها واستشراف حلولها المستقبلية، وذلك بإطلاق سموه لمؤسسة مبادرات محمد بن راشد آل مكتوم العالمية كأكبر مؤسسة إنسانية تنموية، استهدفت تحقيق التنمية الإنسانية لشعوب العالم، منذ انطلاقتها في العام 2015، وسعت بعملها لتحقيق القيم والمبادئ الإنسانية السامية كالحق في الصحة والتعليم ومكافحة الفقر ودعم الحوكمة الرشيدة في العالم، وهي المؤسسة التي تقف اليوم بشموخ كتجربة إماراتية رائدة، تفخر بإسهاماتها الدولية في تحقيق التنمية الإنسانية والرفاهية للشعوب، وبما حققته من حلول على الصعيد العالمي للكثير من المشكلات والتحديات، التي واجهها العالم سواء على صعيد تعزيز احترام حقوق الإنسان وتكريس حرياته، وضمانة التمتع بها بشكل عادل ومتساو دون تمييز.

وقد أسهمت مؤسسة مبادرات محمد بن راشد آل مكتوم منذ انطلاقتها في تقديم مبادراتها الإنسانية عبر خمسة محاور رئيسية، تستهدف بشكل ابتكاري الحقوق «الأساسية الخمسة»، التي ترسخت بالعهدين الدوليين الأول والثاني وهي الحقوق «المدنية والسياسية والاقتصادية والاجتماعية والثقافية»، في حين تبلغ مبادراتها ثلاث عشرة مبادرة، تتفاعل مع الإعلان العالمي لحقوق الإنسان، الذي يقع في ديباجة، إضافة إلى 30 مادة عبرت عن جملة الحقوق والحريات، التي تسعى المنظومة الدولية لتحقيقها للشعوب الإنسانية، في تقارب ذي مغزى كبير ينم عن فهم دقيق واستيعاب شامل للقيم والمبادئ الإنسانية، التي نادت بها الشرعة الدولية لحقوق الإنسان، وقد تفاعلت تلك المبادرات مع جميع التحديات والشواغر، التي عبر عنها الأمين العام والمفوضة السامية في رسائلهم، سواء على صعيد تحسين نوعية الحياة والقضاء على الفقر وتعزيز الاستجابة الدولية، التي استهدفتها بخمس مبادرات رئيسية، فيما حرصت على تحقيق الرعاية الحصية الجيدة بمبادرتين، وسعت إلى تحقيق الحياة الكريمة والتعليم والمعرفة والتكنولوجيا وبناء مستقبل أفضل للإنسانية قائم على نهج اقتصادي وتنموي إنساني بثماني مبادرات نوعية، وعالجت باقي المبادرات الـ16 عملية تعزيز الحقوق والحريات، التي نادى بها الإعلان العالمي وكرستها الصكوك والاتفاقيات، التي استكملت بها الأمم المتحدة شرعتها الدولية المعنية بحقوق الإنسان.

وإذ نشيد بهذه المناسبة بجهود هذه المؤسسة الإماراتية الرائدة، فإننا نتمنى من الإعلام الانطلاق بإبداع إلى إبراز تجاربنا الوطنية والتعريف بها عالمياً، فجهود مؤسسة مبادرات محمد بن راشد آل مكتوم تستحق منا جميعاً العمل على إبرازها للعالم، ليس لكونها مؤسسة وطنية بهوية إماراتية عربية فقط، بل لكونها تتصدر الجهود العالمية، وتسهم في تحسين ظروف الحياة لشعوب العالم الضعيفة والمعوزة، وتوفير العيش الكريم لهم، وهي مسؤولية علينا جميعا كصحفيين وإعلاميين وممثلين عن المجتمع المدني الوفاء بها، وليس أقل من أن نضع هدفاً لحراكنا وتقديرنا لهذه المؤسسة الإماراتية الرائدة، لنحقق لها التقدير المستحق بفوزها بجائزة نوبل للعام 2023، وهي التي تستحقها بجدارة عن مبادراتها كافة، إذ يكفي أن نعرف أن مبادرة واحدة منها أسهمت في تعزيز الجهود العالمية للتصدي لجائحة كوفيد 19 بنسبة 50%، لنبدأ العمل جميعاً على تحقيق هذا الهدف.