لكرة القدم أبعاد كثيرة، لا تقتصر على كونها لعبة رياضة وحسب، وهنالك شواهد من التاريخ وحتى الحاضر على ذلك، ففي عام 1914 ميلادية كان الجنود الألمان والإنجليز في ساحة القتال، وكان العالم آنذاك يشهد بداية الحرب العالمية الأولى، وما إن دخل شهر ديسمبر، وجاء وقت عيد رأس السنة في أوروبا، حتى أعلن الألمان والإنجليز توقف إطلاق النار، وسمحوا للجنود بالاستراحة، فاجتمع الجنود الذين كانوا يطلقون النار على بعضهم البعض في إحدى الساحات، وأخذوا يلعبون كرة القدم، واستطاعت كرة القدم إذابة ما بين هؤلاء الجنود من خلاف، وتعاهدوا على ألا يطلقوا النار على بعضهم البعض بعد انتهاء الهدنة أو إجازة العيد، بعدها استغرق القادة ما يقارب الـ 3 أيام، لإقناع الجنود بالعودة إلى القتال، بعد أن أقنعتهم كرة القدم بالصداقة والسلام في ساعات قليلة، هذه الحادثة التي أوردها عالم البيولوجيا وطب الجهاز العصبي روبرت سابولسكي في بحثه عن كيفية عمل دماغ الإنسان، يحق لنا أن نوردها هنا، لنثبت التأثير الرائع لكرة القدم على الأفراد والشعوب، كأحد أبعاد هذه اللعبة.

ومن جانب آخر هنالك أبعاد اقتصادية كبيرة لهذه اللعبة تعود بالنفع على الأندية الرياضية العريقة والرائدة في كرة القدم، وعلى سبيل المثال السياحة الرياضية، التي تتمتع بها مدينتا برشلونة ومدريد أكبر دليل على الأهمية الاقتصادية لهذه اللعبة، فقد أصبحت تعرض على المسافرين إلى إسبانيا قائمة الرحلات السياحية إلى القلاع القديمة والمكتبات التاريخية، وإلى ملعب السانتياغوا برنابيو في مدريد أو ملعب الكامب نو في برشلونة كأحد معالم إسبانيا المحببة للسياح القادمين من مختلف أقطار العالم، والكثير من السياح يأتون خصيصاً لزيارة أحد الملعبين أو حضور مباراة لكرة القدم، ما وفر فرص عمل أكبر لسكان المدينتين، وجعلهما من أكثر المدن شهرة في العالم، هذا البعد المهم يجب أن يعيه الرياضيون في كل مكان في العالم، بأنهم لا يلعبون لمجرد اللعب، ولكن لخدمة أوطانهم ومجتمعاتهم في مجالات شتى، لا تقتصر على الرياضة فقط.

ومن أهم هذه الأبعاد البعد التربوي والاجتماعي، الذي نستطيع أن نزرعه من خلال كرة القدم في أبنائنا، فالطفل عندما يلعب كرة القدم يتعلم معنى العمل الجماعي وأهمية الانتماء للفريق، ويكتسب الشجاعة على اتخاذ القرار من خلال عمله الفردي مع زملائه في الفريق، فعندما يقف اللاعب أمام المرمى وهو يحمل مسؤولية تحقيق الهدف، الذي ينشده الفريق يكتسب الشجاعة على اتخاذ القرار والخبرة في التعامل مع ضياع الفرص أحياناً، إذاً على كل من يعمل في مجال كرة القدم أن يضع نصب عينيه كل الأبعاد، التي تحملها كرة القدم، وأنها ليست مجرد لعبة.