قبل أسبوعين وصلتني دعوة من الجمعية العربية السعودية للثقافة والفنون بجدة التي تأسست عام 1994، لحضور حفل تكريم الفائزين بجائزة ضياء عزيز لفن البورتريه، في دورتها الخامسة والتي جاء موضوعها (المرأة السعودية في ظل رؤية 2030)، وتحمل الجائزة اسم الفنان التشكيلي النحات السعودي الرائد ضياء عزيز ضياء، والذي يعد من أهم الفنانين الرواد بالمملكة ومن أوائل الخريجين من أكاديمية الفنون بروما وله الكثير من المجسمات أهمها «بوابة مكة» ولوحة «حوار الحضارات في اسبانيا».
وتقام الجائزة برعاية كريمة ودعم من الأمير فيصل بن عبدالله بن محمد آل سعود وزير التعليم الأسبق، ومؤسسته «ليان الثقافية»، وقد دعيت للحضور بوصفي ضيف شرف الجائزة، حيث يتم تكريم الشخصيات المؤثرة في المشهد الثقافي، ونظراً للعلاقات الطيبة التي تربط بين الجمعية وندوة الثقافة والعلوم في دبي، التي استضافت سابقاً معرضين للجمعية أحدهما لأعمال فنانات تشكيليات سعوديات، ومعرض صور مكة المكرمة، والحرم المكي للمصور خالد خضر، فقد قبلت الدعوة لحضور الاحتفال الرائع الذي أقيم برعاية الأمير فيصل وحضور ابنه الأمير سلمان وعدد من أصحاب السمو الأمراء، وكبار الفنانين، وأساتذة الجامعات، وأعضاء الجمعية، وقد ألقى محمد آل صبيح مدير جمعية الثقافة والفنون في جدة، المتميز والنشط، والذي يعد المحرك الرئيسي لفعاليات الجمعية، كلمة شكر فيها الأمير على دعمه للجائزة ورعايته لها، وأثر ذلك في تطورها، كما نوه بالفنان ضياء الذي تحمل الجائزة اسمه، تقديراً له ولدوره في رعاية المبدعين الشباب، وفي كلمة الأمير سلمان الذي حضر نيابة عن والده أثنى على جهود الجمعية، وقدم التهنئة للفائزين، وأعلن استمرار الدعم لعامين قادمين، وقد تم تكريم الفائزين الثلاثة وهم: ناصر الضبيحي، محمد الرشيد، ليلى الكاف، من بين الأعمال المقدمة وعددها 408 لوحات.
وقبل بدء الاحتفال تم افتتاح المعرض الفني الذي ضم الأعمال المشاركة بدورة الجائزة.
وتجدر الإشارة أن الدورتين الأولى والثانية كان موضوعهما «الشخصيات والرموز الوطنية»، والثالثة موضوعها «الحصان العربي»، أما الرابعة فكان موضوعها «الفن في مواجهة الجائحة».
وعلى هامش الزيارة قمت برفقة محمد آل صبيح بزيارة «مركز جدة بارك» لعائلة الشيخ صالح صيرفي وهو من المراكز التجارية الجديدة الرائعة بجدة، فاستقبلنا انس صيرفي الذي أخذنا في جولة شاهدنا خلالها المعرض الجميل الذي احتفل فيه المركز بمناسبة اليوم العالمي للغة العربية، وضم عدداً من اللوحات الخطية، وفي الطابق الأعلى زرنا «دار الفنون الإسلامية» التابعة لمؤسسة المداد للتراث والثقافة والفنون، التي تملكها عائلة صيرفي، وتمثل الدار متحفاً خاصاً للعائلة، تعرض ما يعكس الحضارة الإسلامية من أقصى بلاد الصين والهند إلى أقصى بلاد المغرب والأندلس، في ست قاعات تضم أكثر من ألف قطعة فنية لبعض النفائس من الخزف والزجاج والمعادن والمسكوكات والمخطوطات والمنسوجات وأهمها نماذج لكسوة الكعبة المشرفة على مر العصور، والدار بصدد التوسعة.
وتعد الدار ترجمة حقيقية لدور رجال المال والأعمال في دعم الثقافة والفكر.
وللعائلة متحف آخر للأعمال الفنية التشكيلية والذي يشرف عليه حمزة صيرفي، لكننا لم نتمكن من زيارته لضيق الوقت، وشاهدنا كذلك جناحاً ضم تاريخ ومقتنيات الشيخ صالح بن حمزة صيرفي الذي يعد هو ووالده من أوائل الصيارفة بجدة.
وقبل ذلك زرنا متحف بيت أرامكو في منطقة جدة القديمة والذي يضم أعمالاً فنية لرواد الحركة التشكيلية بالمملكة، وأعمالاً لعدد من الفنانين والفنانات المعاصرين، بالإضافة إلى قطع متحفية لعصور مختلفة، ويعود البيت لعائلة المحسن الوجيه محمد علي زينل مؤسس مدارس الفلاح، وفي عام 1949 اتخذته شركة أرامكو مقراً لمكاتبها، وهو أول بيت يتم بناؤه بالأسمنت والطابوق بجدة.
بعد ذلك قمنا برفقة أم الأولاد بزيارة مكة المكرمة لتأدية العمرة بتوفيق من الله، ورأينا التوسعة المباركة للحرم المكي وحركة العمران الفندقي الرائع، بعدها ذهبنا إلى المدينة المنورة لزيارة المسجد النبوي والسلام على الحبيب المصطفى، هذه الزيارة السريعة شاهدنا خلالها التطور العمراني الذي تشهده المملكة حالياً، وأدركنا التأثير الإيجابي لبرنامج السعودة الذي طبقته المملكة من توفير الوظائف للمواطنين في مجالات متعددة، وكذلك تمكين المرأة في جميع الوظائف، والتي أبرزت قدرات فائقة في العمل، ومن خلال التعامل مع شرائح مختلفة يلحظ المتابع حسن المعاملة ورحابة الصدر ومدى التعامل الحضاري الذي يحرص عليه الموظفون للتعبير عن التطور والرقي اللذين يتحلون بهما.